وقيل اللقاء ما يكون بعد البعث عند الحساب ثم ليس المراد باللقاء رؤية الله تعالى فإن أحدًا لا يقطع لنفسه برؤية الله تعالى لأن الرؤية مختصة بالمؤمنين ولا يدري الإنسان بماذا يختم له.
وأما وصف البعث بالآخر فقيل هو مبالغة في البيان والإيضاح وذلك لشدة الاهتمام به وقيل سببه أن خروج الإنسان إلى الدنيا بعث من الأرحام، وخروجه من القبر للحشر بعث من الأرض، فقيد البعث بالآخر ليتميز عن الأول والله أعلم.
وإنما أعاد العامل في قوله (وتؤمن بالبعث الآخر) وكذا الجار، ولم يكتف بالعطف على لفظ الجلالة اهتمامًا بشأنه لأن مشركي مكة وغيرهم من سائر المشركين ينكرونه.
(قال) الرجل السائل (يا رسول الله) هذا نقل بالمعنى كما عرفت (ما الإسلام) أي ما حقيقته وماهيته (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (الإسلام) أي حقيقته وماهيته (أن تعبد الله) سبحانه وتعالى وتوحده وقوله (ولا تشرك به) سبحانه وتعالى (شيئًا) من المخلوقات حيوانًا ولا جمادًا مَلَكًا أو إنسانًا أو جنًّا حيًّا أو ميتًا، تفسير له، وهذا نقل بالمعنى، وأما حديث عمر (أن تشهد أن لا إله إلا الله) نقل باللفظ، قال النووي: أما العبادة فهي الطاعة مع خضوع فيحتمل أن يكون المراد بالعبادة هنا معرفة الله تعالى والإقرار بوحدانيته فعلى هذا يكون عطف الصلاة والصوم والزكاة عليها لإدخالها في الإسلام لأنها لم تكن دخلت في العبادة، وعلى هذا إنما اقتصر على هذه الثلاثة لكونها من أركان الإسلام، وأظهر شعائره، والباقي ملحق بها ويحتمل أن يكون المراد بالعبادة الطاعة مطلقًا، فيدخل جميع وظائف الإسلام فيها، فعلى هذا يكون عطف الصلاة وما بعدها عليها من باب ذكر الخاص بعد العام تنبيهًا على شرفه ومزيته كقوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} ونظائره.
وأما قوله (ولا تشرك به شيئًا) فذكره بعد العبادة التي هي التوحيد مع دخول عدم الشرك فيها للتفسير، ولأن الكفار كانوا يعبدونه سبحانه وتعالى في الصورة، ويعبدون معه أوثانًا يزعمون أنها شركاء لله تعالى، فنفى به عملهم هذا اهـ. كما يقولون: (لبيك اللهم