للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سواء كانت تخرج أو لا تخرج، ومن ذلك أن سيد الأمة إذا كان غائبًا فحين قدم اشتراها منه رجل قبل أن تخرج، أو خرجت وهي حائض، فاشتراها قبل أن تطهر، فلا استبراء عليه، ومن ذلك إذا بيعت (أ) وهي حائض في أول حيضها، فالمشهور من مذهبه أن ذلك يكون استبراء لها، لا تحتاج إلى حيضة مستأنفة، ومن ذلك الشريك يشتري نصيب شريكه من الجارية، وهي تحت يد المشتري منهما وقد حاضت في يده، فلا استبراء عليها (ب). انتهى كلامه.

وهذا الكلام ينبئ أن مأخذ مالك في الاستبراء إنما هو للعلم ببراءة الرحم، فحيث لا تعلم ولا تظن البراءة وجب الاستبراء، وحيث تعلم أو تظن البراءة فلا استبراء. وقال بهذا أبو العباس بن سريج والإمام أبو العباس بن تيمية، واختاره الإمام محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية، وهذا الذي ذكروه قوي، فإن الحكم ليس بتعبدي محض، بل له معنى معقول مناسب للحكم، وهو براءة الرحم للبعد من اختلاط الأنساب، والأحاديث الواردة في سبايا أوطاس منبهة على هذا التعليل؛ ففي "صحيح مسلم" (١) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بعث جيشًا إلى أوطاس، فلقي عدوًّا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا سبايا، وكان ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله عزَّ وجلَّ في ذلك:


(أ) في جـ: ابتيعت.
(ب) في جـ: عليه.