للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

المال عقوبةً له، وفيه دلالة على جواز العقوبة بالمال، وقد ذهب إلى ذلك الشافعي في القديم ثمّ رجع عنه (١)، وقال: إنّه منسوخ وإن ذلك كان في صدر الإسلام العقوبة بالمال جائزة، وقال: إن الناسخ له حديث ناقة البراء أنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حكم عليه بضمان ما أفسدت من دون عقوبة، ورد عليه النووي (٢) بأن الذي ادعوه بأن العقوبة بالمال في صدر الإسلام غير ثابت ولا معروف، ودعوى النسخ على فرض صحته غير مقبولة مع الجهل بالتاريخ.

قال المصنف -رحمه الله تعالى (٣) -: والجواب عن الاحتجاج بالحديث ما أجاب به إبراهيم الحَربْيُّ، فإنّه قال في سياق هذا المتن: وَهم الراوي في قوله: "وشَطْر ماله"، وإنّما هو فإنا آخذوها من شطر ماله، أي: يجعل ماله شطرين ويتخير عليه المصدق ويأخذ الصَّدقة من خير الشطرَيْن عقوبة لمنعه الزَّكاة، فأمّا ما لا يلزمه فلا، نقله ابن الجوزي في "جامع المسانيد" عن الحربي، والله الموفق. انتهى.

وأنا أقول هذا الجواب لا يجدي، فإنّه إذا تخير المصدق وأخذ من خير الشطرين فقد أخذ زيادة على الواجب، وهي عقوبة مالية، فقد حصل العقوبة بالمال الّتي فر منها.

وقد ورد العقوبة بالمال في قضايا متعددة منها قصة المَدَديّ الذي أغلظ الكلام لأجله عوف بن مالك على خالد بن الوليد لما أخذَ سلبه، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يردّ عليه" أخرجه مسلم (٤)، وكذا من سرق من


(١) المجموع مع المهذب ٥: ٢٨٤، ٢٨٨.
(٢) المجموع ٢٨٨:٥.
(٣) التلخيص الحبير ٢: ١٧٠.
(٤) مسلم الجهاد، باب استحقاق القاتل سلب القتيل ٣: ١٣٧٣ - ١٣٧٤ ح ٤٣، ٤٤ - ١٧٥٣.