على كلها أو على بعضها، إن أدخلتها على كلها لم يكن لذلك نظير؛ لأنه لا يوجد فعل يتعدى إلى مجرورين أو مجرورات بحرف واحد، وغن أدخلتها على واحد وتركت ما بقي صار كأنه قوي ضعيف في حين واحد، قويّ من حيث قوي في حق الواحد، ضعيف من حيث لم يقو في حق الآخر، وذلك تناقض.
وقال أبو عبد الله محمد بن علي الشلوبين الصغير:((ليس هذا تناقضاً؛ إذ ليس الضعف من حيث القوة، ولا غرو أن يجتمع في الموصوف الواحد وصفان متناقضان باختلاف النسب وإنما التناقض أن لو كان من حيث قوي ضعف، فلم يحقق التناقض. وأما قوله (إن أدخلتها عليهما معاً أو عليها لم يكن لذلك نظير) فهذا غير لازم؛ إذ ليس كل ما سمع من العرب يوجد له النظير، فالأولى أن يعلل بامتناع دخول حرف واحد على اسمين ويؤثر فيهما. وإن شئت أن تقول: لعل العرب لم تقل ذلك لأن ما يتعدى إلى اثنين أو إلى ثلاثة قد طال لاتصال الكلام بعضه ببعض، فعسُر عليهم الزيادة في موضع الطول، هذا مما يناسب كلياتهم، وبعد ذلك لو سُمع لقبلناه، ولم يبعد أن يقولوا: لزيد أعطيت درهما)) انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره أنه لم يبعد قد قالته العرب مع تأخير المفعول، فبالأحرى أن يجوز مع التقديم، قال الشاعر:
أحجاج، لا تعط العصاة مناهم ... ولا الله يعطي للعُصاة مُناها
فأدخل اللام على مفعول أعطى الأول، وهو متأخر عن الفعل، لكن ذلك من القلة بحيث ينبغي ألا يقاس عليه.
وقوله والأصل تقديم ما هو فاعل معنى على ما ليس كذلك الأول من باب أعطى هو مفعول في اللفظ فاعل من جهة المعنى؛ لأنه آخذ، بخلاف الثاني، فإنه مفعول في اللفظ والمعنى، فأصله أن يتأخر، وأصل الأول أن يتقدم، والأصل تقديم ما يتعدى إليه الفعل بنفسه وتأخير ما يتعدى إليه بحرف الجر؛ لأن عامة ما