للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يُعبّر أحيانًا عن إعجابِه بالسَّجْع واستحسانِه له؛ أورَدَ قولَ ابن جُبَير صاحبِ الرّحلة في وَصْف مقرئ: "وقراءتُه تُرِقُّ الجماداتِ خشوعًا" فعلَّق بقوله: "قال المصنّف عفا اللهُ عنه: ويَحسُنُ أن يُضافَ إلى هذه الفقرة: وتُرسِلُ شآبيبَ الرّحمة دموعًا" (١).

وأمّا نَقْدُه الأدبيُّ فقد رأينا نماذجَ منه في تعقيباتِه على بعض شعر ابن المُرحَّل، وهو مبثوثٌ خلالَ كتابِه، ومعظمُه انتقاداتٌ جُزئيّة تنصَبُّ على ألفاظ أو استعمالاتٌ لبعض الشّعراء، كقوله في بيت ابن عَمِيرة:

وكيف بشُقْر أو بُزْرقةِ مائهِ ... وفيه لشُقْرٍ أو لزُرقٍ مشارعُ:

"هكذا قال، ووقَفتُ عليه بخطّه، ولو قال: أو بزُرقِ مياهِه، وفيها؛ لكان أتمَّ في التجنيس، فتأمَّلْه" (٢).

وقولِه في بيتٍ له آخَرَ هو:

بفضلِك قُلنا والمقالُ مزيَّفٌ ... إذا كان لا يؤتَى عليه بشاهدِ:

"قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: صَدرُ هذا البيت الذي هو: بفضلك قُلنا ... من أردإ الصُّدور وأقبحِها نظمًا لتمحُّضِه إذا أُنشِدَ وحدَه للهجاء ولا ينصرفُ إلى ما قُصِد به من المدح إلا بإتباعِه عجُزَه، فتأمَّلْه، واللهُ الموفِّق" (٣).

وأورَدَ قصيدةً للأعمى التُّطِيليّ في مدح الحُرّة حوّاء، وعقَّبَ عليها بقولِه: "هذا من النَّظم البديع، والبَزّ الغالي الرفيع، ثم ختَمَها بقوله:

قد عَمَّ بِرُّك أهلَ الأرض قاطبةً ... فكيف أُخرِجُ عنه جارُك الجُنُبُ؟


(١) الذيل والتكملة ١/الترجمة ٤٠١، وقد تقدم ذكر نماذج أخرى من سجعه.
(٢) المصدر نفسه ١/الترجمة ٢٣١ انظر مثل هذا في ٨/الترجمة ١٧٧.
(٣) المصدر نفسه ١/الترجمة ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>