للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورفيع منصبهم والذي حكاه عياض أن الأنبياء وأممهم في ذلك سواء كلهم لا يؤاخذون بشيء من ذلك.

وأما اختلاف المفسرين في تأويل قوله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} فقيل: المراد ما كان قبل النبوة وبعدها وقيل: المراد ما وقع لك من ذنب وما لم يقع اعفه إذ (١) مغفور له.

وقيل ما كان قبل النبوة والمتأخر عصمتك بعدها حكاه أحمد بن نصر وقيل: المراد بذلك أمته - عليه السلام -، وقيل: المراد ما كان عن سهو وغفلة وتأويل، حكاه الطبري واختاره القشيري وقيل: ما تقدم لأبيك آدم من ذنوب أمته حكاه السمرقندي والسلمي عن ابن عطاء وبمثله والذي قبله يتأول قوله: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} قال مكي: مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا مخاطبة لأمته. وقيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر أن يقول: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} سر بذلك الكفار فأنزل الله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك} فمقصود الآية أنك مغفور لك غير مؤاخذ بذنب لو كان، وقال بعضهم. المغفرة هنا تنزيه [له] من العيوب، ويحتمل أيضًا أن يكون المراد بالاستغفار: ومما يستغفر منه ما ذكره العلماء في الجواب عن قوله - عليه السلام -: "إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في كل يوم مائة مرة" أن المراد بالغين شيء يغشى القلب ولا يغطيه كل التغطية، قال القاضي عياض: فيكون المراد بهذا الغين إشارة إلى غفلات قلبه وفترات نفسه وسهوها عن مداومة الذكر ومشاهدة الحق بما كان دُفع إليه من مقاساة البشر وسياسة الأمة ومعاناة الأهل ومقاومة الولي والعدو ومصلحة النفس وما كلفه من أعباء [أداء] (٢) الرسالة وحمل الأمانة وهو في


(١) كذا في نسخة السندي، وهو غير واضح في الأصل، وما استظهرته هو. (اعتبر كأنه). والله أعلم.
(٢) زيادة من "الشفاء" (٣١٦ - ابن حزم) والجملة عنده بعد: وعبادة خالقك ولكن لما كان - صلى الله عليه وسلم - أرفع الخلق عند الله مكانة، وأعلاهم درجة، وأتمهم به معرفة، وكانت حاله عند خلوص قلبه وخلو همته =

<<  <  ج: ص:  >  >>