بخلاف الكبائر إذا لم يتب منها فلا يحبطها شيء والمشيئة في العفو عنها إلى الله.
قال القاضي عياض: وهو قول أبي بكر وجماعة من الأشعرية وكثير من أئمة الفقهاء، قال: وقد استدل بعض الأئمة على عصمتهم من الصغائر بالمصير إلى امتثال أفعالهم واتباع آثارهم وسيرهم مطلقًا وجمهور الفقهاء على ذلك من أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة من غير التزام قرينة بل مطلقًا عند بعضهم وإن اختلفوا في حكمة ذلك انتهى كلامه.
ولم يعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في استغفاره ربه جل ثناؤه إلا امتثال أمره في قوله:{استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} وقد قال تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}.
وقد حكي عن الأنبياء ما يذكرونه في الموقف من ذنوبهم وقد قال الله تعالى عن نوح - عليه السلام -: {وإلا تغفر لي وترحمني} الآية.
وقد كان الله قال له:{ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون} وقال تعالى عن إبراهيم: {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين}، وقال عن موسى:{تبت إليك}، والذي يختاره أبو محمد ابن حزم في هذا وأمثاله أن الخطيئة المرادة في مثل هذا هي ما وقع من الأنبياء عليهم السلام بنسيان أو إرادة قربة لم توافق القصد في نفس الأمر هذا معنى كلامه وهو يجوز ذلك على الأنبياء، فإنه قال: ولسنا نبعد ذلك من الأنبياء عليهم السلام وإنما منع (١) القصد إلى المعصية وهم يعلمون أنها معصية.
وفيما قدمناه عن الراغب من معاني الخطيئة ما يقتضي وقوعها على مثل ذلك، وفيما ذهب إليه أبو محمد من ذلك خلاف بين العلماء وهو يرى أيضًا أن الأنبياء عليهم السلام مؤاخذون بمثل ذلك من السهو بخلاف أممهم، لعليّ قدرهم