المؤلفات الجغرافية القديمة، وتفسير ذلك أن المعلومات التي ذكروها لا تتمشى والآراء التي ذكرها المؤلفون العلماء من قبل، وتدلنا بعض الفوائد الواردة في كتابى المسعودى (مروج الذهب، جـ ١، ص ٢٨١, وما بعدها) والمقدسى (ص ١٠ وما بعدها) على أن هذا يصدق على الأقل فيما يتصل بشكل المحيط الهندى.
وجرى الكتاب الذين ألفوا في علم الكون فيما بعد على منوال هذه الكتب الخاصة بالملاحة، والمعلم ابن ماجد (انظر شهاب الدين) المتوفى بعد عام ١٥٠٠ بقليل هو أول مؤلف في هذا العلم عرفنا مؤلفاته في الملاحة وأوصاف الطرق البحرية، وكان ابن ماجد هذا عام ١٤٩٨ دليل فاسكودي كاما de Gama Vasco في رحلته من إفريقية إلى بلاد الهند، وكتاب الفوائد هو أهم كتب ابن ماجد. وكان سليمان المهرى معاصر ابن ماجد، وكان إذ ذاك حدثا، ونعرف له كذلك بعض التواليف في الملاحة منها كتاب "العمدة المهرية" وهو أهمها من الناحية الجغرافية. ومعظم الفضل في معرفتنا بهذين الكاتبين العربيين راجع إلى دراسات فران G.Ferrand: وجهودهما في الملاحة والتأليف متصلة اتصالا وثيقًا بجهود سيدى على رئيس المؤلف وأمير البحر التركى، وله كتاب في وصف المحيطات عنوانه "المحيط" ألفه عام ١٥٥٤ وضمنه أجزاء من مصنف سليمان المهرى نقلها إلى التركية. وكان ييرى رئيس المتوفى عام ١٥٥٤ قد قام قبل ذلك بقليل بدراسة البحر المتوسط في كتابه "البحرية" الذي ألفه عام ١٥٢٣ كما فعل سيدى على رئيس بالنسبة للمحيط الهندى. وكتاب البحرية هذا- وهو في الجغرافية البحرية- يستأهل الذكر بصفة خاصة لما فيه من مصورات كثيرة لكافة ساحل البحر المتوسط. ولا شك في أن كتاب ييرى رئيس هو تتمة لكتاب آخر أقدم منه عهدا، على أنه من الصعب إثبات وجوده عن طريق المصادر الإسلامية، وقد لا يكون هذا الكتاب من المصنفات الإسلامية على التحقيق، لأن كتاب بيرى رئيس يتصل أول كل شيء