للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الهندسية لمساقط مصورات السماء والأرض، على أن هذه الطرق لم تطبق عمليا فيما يظهر كما هو شأن غيرها مما أبدعته ألمعية هذا العالم العظيم، والكتاب الجغرافي العظيم الآخر الذي ظهر في القرن الحادي عشر هو كتاب المسالك والممالك الذي ألفه الكاتب الأندلسى أبو عبيد البكرى عام ١٠٦٧ صاحب المعجم كما ذكرنا من قبل، ولا نستطيع بعد تكوين فكرة عن ماهية هذا الكتاب الكبير بأكمله لأننا لا نعرف إلا وصف البكرى لشمالى إفريقية (طبعة ده سلان de Slane) وما ذكره من معلومات عن جنوب الروسيا (من كونك Kunik وروزن Rosen؛ وانظر تعليق رتر Ritter على مخطوط الآستانة المنشور في مجلة SLl. جـ ١٩، ص ٤٣). ويظهر أن البكرى لم يكن من مدرسة البلخى لانعدام المصورات الجغرافية في كتابه، ومهما يكن من الأمر فإن كتاب البكرى يعتمد إلى حد كبير على دراسات المؤلف الشخصية كما أنه دون فيه كثيرا من الحقائق التي كانت معروفة في زمنه.

ومن كتب الرحلات التي ترجع إلى القرن الحادي عشر الكتاب المشهور "سفرنامه" لناصر خسرو وقد ألف حوالي عام ١٠٤٥، والأخبار المستقاة من إبراهيم الطرطوشى المتوفى عام ١٠٨٥ الذي ساح في فرنسا وألمانيا، وقد روى القزوينى هذه الأخبار.

وظل كثير من المصادر الأدبية وخاصة الكتب التاريخية بعد القرن الحادي عشر يزودنا بالمعارف الجغرافية وأخذت الكتب الجغرافية الصرف منذ ذلك الوقت يتميز طابعها أكثر فأكثر بالتنسيق الأدبى للمواد الواردة في المصنفات المتقدمة. وبدأ الناس يشعرون بثقل وطأة التقليد، وجنح المؤلفون إلى تدوين فوائد المعارف التي جمعتها الأجيال السابقة دون تمييز بينها وصوغها في أسلوب أدبى، وخفف التقدم التاريخي من الشعور بالوحدة الجغرافية للعالم الإسلامي، ومال الكتاب إلى ذكر العجائب والخوارق كما حدث في المصنفات الجغرافية اللاتينية المتأخرة، وأهم الظواهر كلها التقريب بين الجغرافيا الوصفية والجغرافيا الفلكية، وأبرز مثل لذلك كتاب "نزهة المشتاق"