وصفت بهذه الرسيلة كثير من المدن في الشرق والغرب وصفا تاريخيًا تخطيطيًا، ومن المستحيل تعداد هذه الكتب لكثرتها، لأن هذه الأوصاف ظلت حتى اليوم من الأبواب الأدبية الشائعة في جميع أنحاء الممالك العربية والإيرانية والتركية الإسلامية.
وقل إنتاج المؤلفات الجغرافية العامة الجديدة في القرن الحادي عشر، ويعود ذلك من غير شك إلى استمرار انحلال العالم الإسلامي سياسيا. ثم يمكن أن نقول أيضًا أنه كان قد تم ذكر كل شيء خاص بدلائل المسافرين وأوصاف الممالك مما تتطلبه الحاجة الأدبية والعملية، وقد أعيد كشف العالم المعروف وقتذاك كشفا يتفق ووجهة النظر الإسلامية الاستعمارية، ذلك لأنه لم تضف معلومات جديدة عن بقاع كانت مجهولة لدى الأقدمين اللهم إلا إذا استثنينا بعض جهات من إفريقية، على أن حركة الكشف كانت أوسع من ذي قبل، فقد أمدتنا كتب الجغرافيا التي ألفت في القرنين التاسع والعاشر بمعلومات أوفى من التي أمدتنا بها المصادر القديمة ومصادر العهد اليونانى المتأخر وخاصة عن الممالك الآسيوية، وظهر في القرن الثاني عشر أيضًا كتابان جغرافيان من الطراز الأول ختما العهد القديم لهذا النوع من التأليف ختاما حميدا، أولهما كتاب البيرونى في وصف الهند (كتب حوالي عام ١٠٣٠) وهو يزود معارف المسلمين بمعلومات أوفى عن آراء الهندوس في الجغرافيا ونظام الكون إلى ما فيه من المعلومات الجغرافية الغزيرة عن الممالك المفتوحة حديثًا. ومصنفات البيرونى الأخرى، وخاصة كتاب "القانون المسعودى"، جديرة بالذكر لوضوحها في عرض الحقائق الجغرافية وإن كانت من كتب الفلك. ويشمل كتاب التفهيم في مخطوطاته الخمسة المعروفة مصورا عجيبًا مستديرًا للعالم يوضح به مواضع البحار (أعيد إثبات مصورات المخطوطات الأربعة على الصفحة ٧١٣ من كتاب Monumenta Cartographica Africae et Aegypti ليوسف كمال). ويصف البيرونى في مصنفه الآثار الباقية (طبعة سخاو، ص ٣٥٧ بعض الطرق