للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيكون الأول أولى بالترجيح لما يتخلل هذه الأقسام من شبهة الانقطاع لعدم المشافهة؛ ولهذا رُجِّحَ حديث ابن عباس في الدباغ ... على حديث عبد الله بن عكيم)) (الاعتبار صـ ١١).

وقال أيضًا: ((المصير إلى حديث ابن عباس أولى؛ لوجوه الترجيحات، ويحمل حديث ابن عكيم على منع الانتفاع به قبل الدباغ)) (الاعتبار صـ ٥٧، ٥٨). ومال إلى هذا القول ابن الملقن في (البدر المنير ١/ ٦٠٠).

وقال عبد الحق الإشبيلي -عقب ذكره لحديث ابن عكيم-: ((قد صحَّ الخبر في الانتفاع بجلود الميتة إذا دبغت)) (الأحكام الوسطي ٤/ ١٨٩). إشارة منه إلى إعلاله، والله أعلم.

وقال ابن حجر: ((وأقوى ما تمسك به من لم يأخذ بظاهره؛ معارضة الأحاديث الصحيحة له، وأنها عن سماع، وهذا عن كتابة، وأنها أصح مخارج.

وأقوى من ذلك: الجمع بين الحديثين بحمل الإهاب على الجلد قبل الدباغ، وأنه بعد الدباغ لا يُسمَّى إهابًا إنما يُسمَّى قربة، وغير ذلك، وقد نقل ذلك عن أئمة اللغة كالنضر بن شميل، وهذه طريقة ابن شاهين، وابن عبد البر، والبيهقي)) (فتح الباري ٩/ ٦٥٩).

وقد أعلَّ بعض أهل العلم الطريق الأول بالإرسال؛ لأَنَّ ابن عكيم، تابعي، لا يثبت له صحبة ولا سماع من النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو حكاية عن كتاب أتاهم (١).


(١) قال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن عبد الله بن عكيم .. فقال: ليس له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم إنما كتب إليه، قلت: أحمد بن سنان أدخله في مسنده، قال: من شاء أدخله في مسنده على المجاز)).
وقال أبو زُرْعَةَ: ((لم يسمع ابن عكيم من النبي صلي الله عليه وسلم وكان في زمانه)) (المراسيل صـ ١٠٣ - ١٠٤).

وقال ابن أبي حاتم في (العلل): ((سألت أبي عن حديث عبد الله ابن عكيم، فقال: لم يسمع عبد الله بن عكيم من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو كتابه)) (العلل ١/ ٥٩٢).
وقال البخاري: ((أدرك زمان النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يُعرف له سماع صحيحٌ)) (التاريخ الكبير ٥/ ٣٩).
وقال ابن حبان: ((أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئًا)) (الثقات ٣/ ٢٤٧).
وقال أبو نعيم: ((أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره)) (معرفة الصحابة ٣/ ١٧٤٠).
وقال ابن عبد البر: ((اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم)) (الاستيعاب ٣/ ٩٤٩).
قلنا: ولم نقف على قول ولا دليل بإثبات السماع، ولعل لذلك مرَّضَ الذهبي القول بصحبته فقال: ((قيل: له صحبة)) (السير ٣/ ٥١٠)، وانظر: (أسد الغابة ٣/ ٣٣٥)، و (تهذيب التهذيب ٥/ ٣٢٤). ولذا قال الحافظ: ((مخضرم من الثانية، وقد سمع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم)) (التقريب ٣٤٨٢). وفي قوله (وقد سمع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم) نظر ظاهر؛ لأمرين: الأول: أنه لم يصرح بسماعه للكتاب. الثاني: أنه قد ثبتت الواسطة بينه وبين الكتاب، فتأكد عدم سماعه، كما تقدم.