للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعل هذه إحداهما [١]. وجاء في حديث شريك بن أبي نمر، عن أنس في حديث الإِسراء: "ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى" (١٥). ولهذا تكلم كثير [٢] من الناس في متن هذه الرواية، وذكروا أشياء فيها من الغرابة، فإن صح فهو محمول على وقت آخر وقصة أخرى، لا أنها تفسير لهذه الآية، فإن هذه كانت ورسول الله في الأرض لا ليلة الإِسراء، ولهذا قال بعده: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾، فهذه هي ليلة الإِسراء، والأولى كانت في الأرض.

وقد قال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد، الملك بن أبي الشوارب، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا سليمان الشيباني، حدثنا زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود في هده الآية: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَينِ أَوْ أَدْنَى﴾، قال: قال رسول الله : "رأيت جبربل له ستمائة جناح" (١٦).

وقال ابن وهب: حدثنا ابن لَهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة قالت: كان أولَ شأن رسول الله، ، أنه رأى في منامه جبريل بأجياد، ثم إنه خرج ليقضي حاجته فصرخ به جبربل: يا محمد. يا محمد، فنظر رسول الله، ، يمينًا وشمالًا فلم ير شيئًا - ثلاثًا - ثم رفع بصره فإذا هو ثان [٣] إحدى رجليه مع الأخرى على أفق السماء فقال: يا محمد، جبريل جبريلُ - يُسَكنه - فهرب النبي، ، حتى دخل في الناس، فنظر فلم ير شيئًا، ثم خرج بن الناس، ثم نظر فرآه، فدخل في الناس فلم ير شيئًا، ثم خرج فنظر فرآه، فدلك قول الله ﷿: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾. إلى قوله: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾؛ يعني جبريل إلى محمد، ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَينِ أَوْ أَدْنَى﴾. ويقولون القاب نصف الأصبع. وقال بعضهم: ذراعين كان بينهما (١٧). رواه ابن جرير. وابن أبي حاتم، من حديث ابن وهب. وفي حديث الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر شاهد لهذا.


(١٥) - تقدم تخريجه في أوائل سورة الإسراء.
(١٦) - أخرجه الطبري (٢٧/ ٤٥). وإسناده صحيح. وقد تقدم تخريجه من طريق عبد الواحد بين زياد في الصحيحين قبل هذا الحديث بأربعة أحاديث.
(١٧) - أخرجه الطبري (٢٧/ ٤٩).
وعبد الله بين وهب قد روى عن ابن لهيعة قبل الاختلاط، غير أن سفيان بن وكيع لا يعتد بروايته وهو شيخ الطبري.