للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحق به". إسناد [١] حسن ولم يخرجوه.

وقال مجاهد: ﴿قَالُوا سَلَامًا﴾، يعني قالوا: سدادًا.

وقال سعيد بن جبير: ردوا معروفًا من القول.

وقال الحسن البصري: [﴿قَالُوا سَلَامًا﴾، قال: حلماء لا يجهلون] [٢]، وإن جُهِلَ عليهم حلموا، يصاحبون [٣] عباد الله نهارهم [بما تسمعون] [٤]. ثم [ذكر أن ليلهم] [٥] خير ليل.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾، أي: في عبادته وطاعته، كما قال تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وقال: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ وقال: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ الآية؛ ولهذا قال: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾، أي: ملازمًا دائمًا، كما قال الشاعر:

إن يعذب يكن غرامًا وإن يعـ … ـط جزيلًا فإنه لا يبالي

ولهذا قال الحسن في قوله: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾: كل شيء يصيب ابن آدم و [٦] يزول عنه فليس بغرام، وإنما الغرام اللازم ما دامت السموات والأرض. كذا قال سليمان التيمي.

وقال محمد بن كعب: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾، يعني: ما نعموا في الدنيا؛ إن سأل الله الكفار عن النعمة فلم يردوها إليه، فأغرمهم فأدخلهم النار.

﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾، أي: بئس المنزل منظرًا، وبئس المقيل مقامًا.

قال ابن أبي حاتم عند قوله: ﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾: حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، قال: إذا طُرح الرجل في النار هوى فيها، فإذا انتهى إلى بعض أبوابها قيل له [٧]: مكانك حتى تتحف، قال: فيسقى كأسًا من سُمّ الأساود (*) والعقارب، قال: فيميز الجلد على حدة، والشعر على حدة،


[١]- في ت: "إسناده".
[٢]- في خ: "قالوا: سلام عليكم".
[٣]- في ز: "أيضاحيون".
[٤]- ما بين المعكوفتين في ز: "ليلهم".
[٥]- في ز: "رد بما يسمعون".
[٦]- سقط من: ز.
[٧]- سقط من: خ.
(*) الأساود: جمع أسود، وهو العظيم من الحيات، وأخبثها وأنكاها.