للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ﴾، أي: القرآن ﴿آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾، أي: واضحات في لفظها ومعناها، حجة من الله على الناس ﴿وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ﴾، أي: يضل من يشاء، ويهدى من يشاء، وله الحكمة التامة، وله الحجة القاطعة في ذلك، و [١] ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ أما هو فلحكمته [٢] ووحمته وعدله وعلمه وقهره وعظمته لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَينَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ (١٧)

يخبر تعالى عن أهل هذه الأديان المختلفة من المؤمنين، ومن سواهم من اليهود و [٣] الصابئين، وقد قدمنا في سورة البقرة التعريفَ بهم واختلافَ الناس فيهم، والنصارى والمجوس والذين أشركوا، فعبدوا [غير الله معه] [٤]؛ فإنه تعالى: ﴿يَفْصِلُ بَينَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ويحكم بينهم بالعدل، فيدخل من آمن به الجنة، ومن كفر به إلى [٥] النار، فإنه تعالى شهيد على أفعالهم، حفيظ لأقوالهم، عليم بسرائرهم وما تُكِنّ ضمائرهم.

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (١٨)

يخبر تعالى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له فإنه يسجد لعظمته كل شيء طوعًا وكرهًا، وسجود [كل شيء مما] [٦] يختص به، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ وقال هاهنا: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾، أي: من الملائكة في أقطار السماوات، والحيوانات في جميع الجهات؛ من الإنس والجن والدواب والطير، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾.

وقوله: ﴿وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ﴾، وإنما ذكر هذه على التنصيص؛ لأنها قد


[١]- سقط من خ.
[٢]- في ز: فلحمته. كذا.
[٣]- سقط من ز.
[٤]- في ت: "مع الله غيره".
[٥]- سقط من ت.
[٦]- في ز، خ: "كما".