للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو شئت أن أمس السماء لمسست، فالتفت إلى جبريل كأنه حِلْسٌ لاطٍ (*)، فعرفت فضل علمه بالله عليّ، وفُتح لي بابٌ من أبواب السماء، فرأيت النور الأعظم، وإذا دون الحجاب رفرف الدر والياقوت، وأوحي إلي ما شاء الله أن يوحى". ثم قال: [ولا نعلم روى هذا الحديث] إلا أنس، ولا نعلم رواه عن أبي عمران الجوني إلا الحارث بن عبيد، وكان رجلًا مشهورًا من أهل البصرة.

ورواه الحافظ البيهقي في الدلائل، عن أبي بكر القاضي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن دحيم، عن محمد بن الحسين بن أبي الحسين [١]، عن سعيد بن منصور .. فذكر بسنده مثله. ثم قال: وقال غيره في هذا الحديث في آخره: "ولُطَّ دوني، أو قال: دون الحجاب، رفرف الدر والياقوت". ثم قال: هكذا رواه الحارث بن عبيد، ورواه حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن محمد بن عمير بن عطارد: أن النبي كان في مَلأ من أصحابه، فجاءه جبريل، فنكت في ظهره، فذهب به إلى الشجرة، وفيها مثل وَكرَي الطر، فقعد في أحدهما، وقعد حبريل في الآخر فتسامت [٢] بنا حتى بلغت الأفق، فلو بسطت يدي إلى السماء لنلتها، فدُلِّيَ بسبب، وهبط [] [٣] النور، فوقع جبريل مغشيًّا عليه كأنه حِلْسٌ، فعرفت فضل خشيته علي خشيتي، فأوحى إليّ نبيًّا ملكًا، أو نبيًّا عبدًا، وإلى الجنة ما أنت؟ فأومأ إليَّ جبريل، وهو مضطجع؛ أن تواضع- قال: قلت: لا، بل نبيًّا عبدًا.

قلت: وهذا إن صح يقتضي أنها واقعة غير ليلة الإِسراء؛ فإنه لم يذكر فيها بيت المقدس، ولا الصعود إلى السماء، فهي كائنة غير ما نحن فيه، والله أعلم.

وقال البزار أيضًا: حدثنا عمرو بن عيسى، حدثنا أبو بحر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس أن محمدًا رأى ربه ﷿ و [٤] هذا غريب.

وقال أبو جعفر بن جرير (١٩): حدثنا يونس، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا


(*) أي لاصق بالأرض.
(١٩) - تفسير ابن جرير (١٥/ ٦)، وأخرجه البيهقي في "الدلائل" (٢/ ٣٦٢) من طريق عبد الله بن وهب به، ورجاله ثقات غير عبد الرحمن بن هاشم هذا فإني لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من الكتب، والعلم عند الله تعالى، والحديث فيه غرابة ونكارة كما قال "المصنف": ولعلها من عبد الرحمن هذا؛ لأن من دونه ثقات، والحديث زاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٢٦٢) إلى ابن مردويه.