للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ يقول: و [١] على الله البيان. أي: تبيين [٢] الهدى والضلال [٣].

وكذا روى علي بن أبي طلحة عنه، وكذا قال قتادة والضحاك، وقول مجاهد ها هنا أقوى من حيث السياق؛ لأنّه تعالى أخبر أن ثم طرقًا تسلك [٤] إليه، فليس يصل إليه منها إلا طريق الحق، وهي الطريق التي شرعها ورضيها، وما عداها مسدودة والأعمال فيها مردودة، ولهذا قال تعالى: ﴿وَمِنْهَا جَائِرٌ﴾ أي: خائر مائل زائغ عن الحق.

قال ابن عباس وغيره: هي الطرق المختلفة، والآراء والأهواء [٥] المتفرقة، كاليهودية والنصرانية والمجوسية. وقرأ ابن مسعود: (ومنكم جائر).

ثم أخبر تعالى [٦] أن ذلك كله كائن عن قدرته ومشيئته، فقال: ﴿وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾، وقال: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾.

﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١)

لما ذكر تعالى [٧] ما أنعم به عليهم من الأنعام والدواب شرع في ذكر نعمته عليهم في إنزال المطر من السماء: وهو العلو، مما لهم فيه بلغة ومتاع لهم ولأنعامهم، فقال: ﴿لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ﴾ أي: جعله عذبًا زلالًا يسوغ لكم شرابه، ولم يجعله ملحًا أجاجًا.

﴿وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ أي: وأخرج لكم به [٨] شجرًا ترعون فيه أنعامكم. كما قال ابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة وابن زيد في قوله: ﴿فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ أي: ترعون.


[١]- سقط من: ز، خ.
[٢]- في خ: "يبين".
[٣]- في ز: "الضلالة".
[٤]- في خ: "سلك".
[٥]- سقط من: ز، خ.
[٦]- سقط من: خ.
[٧]- في خ: "سبحانه".
[٨]- في خ: "منه".