للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قالت: فوالله ما أنا بتاركته. ثم قالت: فدعه عندي أيامًا أنظر إليه وأسكن عنه، لعل ذلك يسليني عنه. أو كما قالت، فلما خرج من عندها يعقوب، عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه، ثم قالت: فقدت منطقة إسحاق، ، فانظروا من أخذها ومن أصابها؟ والتمست [١]، ثم قالت: كشفوا أهل البيت، فكشفوهم فوجدوها مع يوسف، فقالت: والله إنه [٢] لي لسلم أصنع فيه ما شئت، فأتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال لها: أنت وذاك إن كان فعل ذلك فهو سلم لك، ما أستطيع غير ذلك، فأمسكته فما قدر عليه بعقوب حتى ماتت. قال: فهو الذي يقول إخوة يوسف حين صنع بأخيه ما صنع حين أخذه ﴿إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾.

وقوله: ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ﴾ يعني الكلمة التي بعدها، وهي قوله: ﴿أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ﴾ أي: تذكرون، قال هذا في نفسه ولم يبده لهم، وهذا من باب الإِضمار قبل الذكر، وهو كثير كقول الشاعر:

جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر … وحسن فعل [٣] كما يُجزى سنمَّار [٤]

وله شواهد كثيرة من [٥] القرآن والحديث واللغة؛ في منثورها وأخبارها وأشعارها، قال العوفي، عن ابن عباس ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ﴾ قال: أسر في نفسه ﴿أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ﴾.

﴿قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (٧٩)

لما تعين أخذ بنيامين، وتقرر تركه عند يوسف بمقتضى اعترافهم - شرعوا يترققون له ويعطفونه عليهم فقالوا: ﴿يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ يعنون: وهو يحبه حبًّا شديدًا، ويتسلى به عن ولده الذى فقده ﴿فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ﴾ أي: بدله يكون عندك عوضا عنه ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ أي: من [٦] العادلين المنصفين القابلين للخير ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ﴾ أي: كما قدتم واعترفتم ﴿إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ﴾ أي: إن أخذنا بريئًا بسقيم.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .