للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ﴾ أي: لقد تحققتم وعلمتم منذ عرفتمونا؛ لأنهم شاهدوا منهم سيرة حسنة - أنَّا ما جئنا للفساد [١] في الأرض ﴿وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ﴾.

أي: ليست سجايانا تقتضي هذه الصفة، فقالت [٢] لهم الفتيان: ﴿فَمَا جَزَاؤُهُ﴾ أي: السارق إن كان فيكم ﴿إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ﴾ أي: أيُّ شيء يكون عقوبته إن وجدنا [فيكم] [٣] من أخذه؟ ﴿قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾.

وهكذا كانت شريعة إبراهيم : أن السارق يدفع إلى المسروق منه، وهذا هو الذي أراد يوسف، ، ولهذا بدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، أي: فتشها قبله تورية ﴿ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ﴾ فأخذه منهم بحكم اعترافهم والتزامهم، وإلزامًا لهم بما يعتقدونه، ولهذا قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ وهذا من الكيد المحبوب المراد، الذي يحبه الله ويرضاه، لما فيه من الحكمة والمصلحة المطلوبة.

وقوله: ﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ أي: لم يكن له أخذه في حكم ملك مصر، قاله الضحاك وغيره، وإنما قيض الله له أن التزم له إخوته بما التزمره، وهو كان يعلم ذلك من شريعتهم، ولهذا مدحه الله تعالى فقال: ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ﴾، كما قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ الآية.

﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ قال الحسن البصري: ليس عالم إلا فوقه عالم حتى ينتهي إلى الله ﷿. وكذا روى عبد الرزاق (٩١): عن سفيان الثوري، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير قال: كنا عند ابن عباس فتحدث [٤] بحديث عجيب، فتعجب رجل فقال: الحمد لله! فوق كل ذي علم عليم. فقال ابن عباس: بئس ما قلت! الله العليم وهو فوق كل عالم. وكذا روى سماك (٩٢)، عن عكرمة، عن ابن عباس


(٩١) - إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى وهو ابن عامر، التفسير (٣/ ٣٢٦، ٣٢٧) ومن طريقه ابن جرير (١٦/ ١٩٥٨٤)، وابن أبي حاتم (٧/ ١١٨٢٩)، وأخرجه ابن جرير (١٩٥٨٢، ١٩٥٨٣) من طريقين عن سفيان به، وأخرجه سعيد بن منصور - ومن طريقه ابن جرير (١٩٥٨٦) - عن أبي الأحوص عن عبد الأعلى به، وأخرجه ابن جرير (١٩٥٨٧) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (١/ ٢٣٦) من طريق إسرائيل عن عبد الأعلى به، وعبد الأعلى هو ابن عامر الثعلبي، ضعيف، وزاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٥٢) إلى ابن المنذر وأبي الشيخ، وانظر ما بعده.
(٩٢) - أخرجه ابن جرير (١٦/ ١٩٥٨٥ شاكر) (١٢/ ٢٧ - حلبي) ووقع هناك "إسرائيل عن سالم =