للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنها -: أن رسول اللَّه قال: "لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا" (٤٣١).

قال أصحابنا: فهذا الحديث فاصل في المسألة، ونص في اعتبار ربع الدينار لا ما ساواه. قالوا: وحديث ثمن المجن، وأنه كان ثلاثة دراهم لا ينافي هذا؛ لأنه إذ ذاك كان الدينار باثنى عشر درهمًا، فهي ثمن ربع دينار، فأمكن الجمع بهذا الطريق.

ويروى هذا المذهب عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبي طالب وبه يقول عمر بن عبد العزنر، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأصحابه، وإسحاق بن راهويه في رواية عنه، وأبو ثور، وداود بن علي الظاهري. .

وذهب الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه في رواية عنه: إلى أن كل واحد من ربع الدينار والثلاثة دراهم مرد شرعي، فمن سرق واحدًا منهما، أو ما يساويه قطع عملا بحديث ابن عمر، وبحديث عائشة (٤٣٢)، ووقع في لفظ عند الإمام أحمد (٤٣٣)، عن عائشة: أن رسول اللَّه قال: "اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك". وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم والدينار اثني عشر درهمًا. وفي لفظ للنسائي (٤٣٤): " لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المجن" قيل لعائشة: ما ثمن المجن؟ قالت [١]: ربع دينار.

وهذه كلها نصوص دالة على عدم اشتراط عشرة دراهم، واللَّه أعلم.

وأما الإمام أبو حنيفة وأصحابه: أبو يوسف ومحمد وزفر، وكذا سفيان الثوري، ، فإنهم ذهبوا إلى أن النصاب: عشرة دراهم مضروبة غير مغشوشة، واحتجوا


(٤٣١) - رواه مسلم فى صحيحه فى الحدود، باب حد السرتة ونصابها، حديث (١٦٨٤/ ٤)، والنسائى فى كتاب قطع السارق، باب: ذكر اختلاف أبى بكر بن محمد وعبد اللَّه بن أبى بكر عن عمرة فى هذا الحديث (٨/ ٧٩ - ٨٠) من طريق أبى بكر بن محمد به، وانظر الحديث السابق.
(٤٣٢) - تقدم حديث ابن عمر رقم (٤٤٨)، وحديث عائشة تقدم رقم (٤٥٠)، (٤٥١).
(٤٣٣) - رواه فى المسند (٦/ ٨١) من طريق أبى بكر بن محمد عن عمرة. وفيه قصة، وانظر رقم (٤٥١).
(٤٣٤) - رواه النسائى فى قطع السارق، باب: ذكر اختلاف أبى بكر بن محمد وعبد اللَّه بن أبى بكر عن عمرة فى هذا الحديث (٧/ ٨١) من طريق سليمان بن يسار عن عمرة عن عائشة.