للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجَوابُ: لا، لأن العَطْف بالواو لا يَستَلزِم وُجوب التَّقديم، وإن كان قد يَقتَضيه، لكنه لا يَستَلزِمه؛ لأن الواو كما قال أهل اللُّغةِ رَحِمَهُم اللَّه: تَدُلُّ على مُطلَق الاشتِراك بدون تَرتيب؛ ولهذا إذا ما قُلْت: ما شاء اللَّه تعالى وشِئْتَ. مع أنك قدَّمْت مَشيئة اللَّه تعالى صار هذا نوعًا من الشِّرْك؛ لأن الواوَ تَقتَضي التَّسْوية، وليسَتْ تَستَلزِم التَّرتيب.

فإذا قال قائِل: لماذا أكَّدَ التسليم بالمَصدَر، قال تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ولم يُؤكِّدِ الصلاة؟

فالجَوابُ: أن الصلاة تَقدَّم ما يُؤكِّدها وهو إِخْبار اللَّه تعالى بأنه يُصلِّي عليه ومَلائِكته، وهذا يُعطِي الإنسان قوَّة في الصلاة عليه متى عَلِم بأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصلِّي اللَّه تعالى ومَلائِكته عليه؛ ولهذا جاء التَّوْكيد في التَّسليم دون الصلاة؛ لأن الصلاة أُكِّدَت تَأكيدًا مَعنَويًّا بذِكْر أن اللَّه تعالى وملائكته يُصلُّون على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأمَّا التَّسليم فأُكِّد تَأكيدًا لفظيًّا؛ لأن قوله تعالى: {تَسْلِيمًا} مَصدَر لقَوْله تعالى: {وَسَلِّمُوا}.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} مُحمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-] ولم يُفسِّر {يُصَلُّونَ} رَحِمَهُ اللَّهُ، وهذا نَقْص في التَّفْسير.

ثُمَّ قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} أي: قولوا: اللَّهُمَّ صلِّ على مُحمَّد وسلِّمْ] ولم يُفسِّر التسليم، فما مَعنَى التَّسليم؟ قال بعضُ العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ: إنك إذا قُلْت: السلام عليك. فالسلام من أَسماء اللَّه تعالى، يَعنِي: (اللَّهُ عَلَيْك)، وما مَعنَى: (اللَّهُ عَلَيْك)؟ أي: اللَّه تعالى حَفيظ عليك يُراقِبك ويَحفَظك.

وقال بعضُ العلماء رَحِمَهُم اللَّهُ: السلام عليك، أي: التَّسليم عليك، فهي جملة خبَرية بمَعنَى الدُّعاء، والسلام اسمُ مَصدَر بمَعنَى: سَلَم، مِثْل الكلام اسمُ مَصدَر

<<  <   >  >>