للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ" (١)، هذا على سَبيل الاستِحْباب، وليس على سَبيل الوُجوب؛ ولهذا أَجمَعَ العُلماء رَحِمَهُم اللَّهُ على أن الصلاة على آل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لا تَجِب مع أن الصِّيغة التي علَّمها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُمَّته فيها الصلاة على آله؛ مع أنها لَيْسَت بواجِبة ممَّا يَدُلُّ على أنها على سَبيل الاستِحْباب.

ورُبما يُستَدَلُّ لذلك أيضًا بأن الصِّيَغ التي أَمَر بها الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في كيفية الصلاة عليه مُختلِفةٌ، وليسَت كلُّها على صيغة واحِدة، وهذا يَدُلُّ على أن أيَّ صِيغة أَتَيت بها فهي مُجْزِئة.

وقوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}: {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} أي: قولوا: السَّلام عليك. أي: ادْعُوا له بالسلام، فقولوا: السلام عليك أيُّها النبيُّ. والسلام على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مع كونه غائِبًا أَمْر مَشروع؛ ولهذا نَقول في صلاتنا: "السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ" (٢)؛ مع أنه غائِب، والصحابة يَقولون: السلام عليك أيُّها النَّبيُّ. مع أنه غائِب ولا يَسمَعهم، حتى لو كانوا معه في الصلاة فهو لا يَسمَعهم؛ لكن لأن هناك مَلائِكةً سيَّاحين يُبلِّغون النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- السلام من أُمَّته؛ ولأنه لمَّا كان الإنسان قوِيَ الإيمان بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- صار كأنه حاضِرًا عنده يُخاطِبه.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا. . .} الآيةَ، فيها تَقديم الصلاة على السلام مع أنه في التَّشهُّد يُقدَّم السَّلام على الصلاة، فهل بين الآية وما ثبَتَ به الحديثُ والتَّشهُّد تَناقُض؟


(١) أخرجه البخاري: كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم (٦٣٥٧)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد التشهد، رقم (٤٠٦)، من حديث كعب بن عجرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، رقم (٨٣١)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، رقم (٤٠٢)، من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>