لأنه لو قال: القُرَشيُّ. فقط، يَظُن الظانُّ أنه قرَشيٌّ حقيقةً، فإذَا قال: مَوْلاهم، يَعنِي: أنه نُسِب إليهم، لكونه مَوْلًى لهم، و"مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ"(١)، حتى إن العُلَماء قالوا في الصدَقة قالوا: إنها تَحرُم على مَوالي بني هاشِمٍ، لأن مَوْلى القَوْم منهم، لكنهم لا يُنسَبون إليهم نسَبًا حقيقيًّا، بل لا بُدَّ من أن يُقَيَّد.
قوله عَزَّ وَجَلَّ:{جُنَاحٌ} هو اسمٌ ليس مُؤخَّرًا، {عَلَيْكُمْ} جارٌّ ومجَرور خبَرهم مُقدَّم.
{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} يَقول رَحِمَهُ اللَّهُ: [في ذلك] أي: في دُعائهم لغير آبائِهم يَعني: الإنسانُ لو أَخطَأَ فدعَا شخْصًا لغير أبيه فإنه ليس عليه جُناكليس عليه إِثْم؛ لأنَّه أَخطَأ، والخطَأ مَرْفوع عن هذه الأُمَّةِ.
وفي قوله:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} المُفَسِّر يَقول [في ذلك] فكأنَّه خَصَّ الآية، والصَّواب أنها عامة، لأن العِبْرة بعُموم اللَّفْظ لا بخُصوص السبَب، فإذا كان السبَب هو دَعوة الإنسان لغير أبيه، فإنه لا يَقتَضِي تخصيص هذا العامِّ بهذه المَسألةِ، لأنَّ العِبْرة -في القاعِدة المُقرَّرة- بعُموم اللَّفْظ لا بخُصوص السبَب.
(١) أخرجه البخاري: كتاب الفرائض، باب مولى القوم من أنفسهم، رقم (٦٧٦١)، من حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-، بلفظ: "مولى القوم من أنفسهم"، وأخرجه بلفظه الإمام أحمد (٤/ ٣٤٠)، والنسائي: كتاب الزكاة، باب مولى القوم منهم، رقم (٢٦١٢)، من حديث أبي رافع -رضي اللَّه عنه-.