بيَّنَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مخُيَّر بيَّنَ أنه عَزَّ وَجَلَّ يَعلَم ما في القُلوب من مَيْل الإنسان إلى بعض النِّساء دون بعض.
وقد بَيَّن اللَّه تعالى هذا المَعلومَ بقوله تعالى:{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}[النساء: ١٢٩]، وهذا أَمْر يُؤيِّده الواقِع ويَشهَد له، فإن الإنسان لا يُمكِن أن تَكون مَوَدَّة زَوْجتَيْه على حدٍّ سواءٍ، حتى لو فُرِض أن إحداهما كانت عِنده أرجَحَ من وَجْه، والأخرى أرجَحَ من وَجْهٍ آخَرَ فلا يُمكِن التَّساوِي، وهذا ما يُؤيِّده قوله تعالى:{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}.
وقوله تعالى:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} هل يُستَفاد منها التهديدُ والوعيدُ؟ أم يُستَفاد منها أن هذا أَمْر لا تمَلِكونه؟ الظاهِر الثاني، وأن هذا أَمْر لا نَملِكه.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: [{وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا} بخَلْقه {حَلِيمًا} عن عِقابِهم] هذا كالتَّعليل لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ}[الأحزاب: ٥١]، فهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليم بكُلِّ شَيْء، ومنه ما في قُلوبنا من المَيْل إلى بعض النِّساء دون بعض.
وقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{حَلِيمًا} الحِلْم هو عدَم التَّعجُّل بالعُقوبة، وليس هو تَرْكَ العُقوبة، ولهذا قال ابنُ القيِّم رَحِمَهُ اللَّهُ: