فالمُراد: ذلك أَدْنى أن تَقَرَّ أَعيُنُهُنَّ ويَرضَيْنَ.
فإن قُلتَ: ما الفائِدةُ منِ اعتِراض الجُمْلة الثانية {وَلَا يَحْزَنَّ}؟
فالجَوابُ: لأن صِلَتها بقَوْله تعالى: {تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} أَقوَى، فإن قوله تعالى:{وَلَا يَحْزَنَّ} يُراد به كَمال قَرار العَيْن، يَعنِي: أنها تَقَرُّ أَعيُنُهُنَّ حتى لا يَبقَى فيها حُزْن إطلاقًا؛ فلهذا اعتَرَضَتْ هذه الجُملةُ بين المعطوف والمعطوف عليه.
قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{بِمَا آتَيْتَهُنَّ}: {آتَيْتَهُنَّ} بالمَدِّ بمَعنَى: أَعطَيْتَهُنَّ، و (آتَى) تَنصِب مَفعولَيْن، وهنا مَفعولهُا الأوَّلُ الهاء ومَفعولهُا الثاني مَحذوف، قدَّرَه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ بقوله:[ما ذُكِر] وما الذي ذُكِر قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [المُخيَّر فيه]، يَعنِي: أنهنَّ يَرضَيْنَ بما أَعطَيْتُموهُنَّ من التَّخيير من القَسْم وعدَمِه.
وسبَقَ أَنَّا بيَّنَّا العِلَّة في قوله تعالى:{وَيَرْضَيْنَ} بذلك وهو أنه إذا جاء الحُكْم من اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَضِين به بخِلاف ما لم لو كان من النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقَدْ لا يَرْضَيْن بذلك، فقد تَظُنُّ الواحِدة مِنهن أنه هَوًى من النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{كُلُّهُنَّ} تَأكيد للفاعِل في {وَيَرْضَيْنَ}]، وإنَّما قال ذلك لأنه لو كان تَأكيدًا للهاء في قوله تعالى:{بِمَا آتَيْتَهُنَّ} لكانت مَنصوبة {بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ}، لكنها كما قال تَأكيد للفاعِل في قوله تعالى:{وَيَرْضَيْنَ}، ألَا يَصِحُّ أن تَكون تأكيدًا للضَّمير في قوله تعالى:{أَعْيُنُهُنَّ}؟
الجَوابُ: لا يَصِحُّ، لأنه لو كان تَأكيدًا له لكان مَجرورَ {كُلُّهُنَّ} فإِذَن: يَتَعيَّن أن يَكون تَأكيدًا لقوله تعالى: {وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ}.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} من أَمْر النساء والمَيْل لبَعْضهن] لما