للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويَتكلَّم على هذه الآيةِ بشِدَّة وبقُوَّة، يَقول: إنَّ الذي يَصرِف الآية هذه لآل البيتِ الأربعة، لا يَعرِف اللُّغة العرَبية ولا يَعرِف أساليبَ الكَلام، إِذْ كيف إنه يُخرِج الآيةَ هذه من بين الآيات كُلِّها المُحيطة بها، والتي تُوَجَّه إلى أُمَّهات المُؤمِنين، ثُم يُخرِج هذه الآيةَ! .

وأَقول: إن قولَه: (آلُ البَيْت) هنا وفي أصحاب الكِساء الأربعة، وفي آلِ البيت الذين لا تَحِلُّ لهم الصدَقة، كلُّها لا يُنافِي بعضها بعضًا.

ولذلك كان القول الراجِحُ: أنَّ زوجاتِ الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لا تَحِلُّ لهنَّ الصدَقة، لقول الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لآلِ مُحَمَّدٍ" (١) وزوجاته بلا شَكٍّ من آله، كما في هذا الحديثِ، وعلى هذا فإننا نَقول: إنه لا تَعارُضَ بين الأَدِلَّة.

ونَظير ذلك: أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِل ما هو المَسجِد الذي أُسِّس على التَّقوى من أوَّل يوم؟ فقال: "مَسْجِدِي هَذَا" (٢)، مع أنَّ المَسجِد الذي أُسِّس على التَّقوى من أوَّل يوم هو مَسجِد قُباءٍ أيضًا، كلٌّ منهما أُسِّس على التَّقوى من أوَّل يوم، فإنَّ الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَسَّس مَسجِده من أوَّل يَوْم قدِمَ، وكان الصحابة -رضي اللَّه عنهم- كلٌّ منهم يَقول: النُّزول عِنْدي، النُّزول عِندي، النُّزول عِندي. فتقول: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ" يَعنِي: ناقَته، فلمَّا وصَلت إلى مَكان مَسجِده برَكَت، فزَجَرها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-،


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٢٧٩)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. وأصله في الصحيحين؛ أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل، رقم (١٤٨٥)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى آله، رقم (١٠٦٩).
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الحج، باب بيان أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة، رقم (١٣٩٨)، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>