وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} الإِثْم يا {أَهْلَ الْبَيْتِ} أي: نِساء النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- {وَيُطَهِّرَكُمْ} منه {تَطْهِيرًا}].
قوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ}: {إِنَّمَا} هذه أداة حَصْر، والحصْر يَقول العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ: مَعناه: إثبات الحُكْم في المَذكور، ونَفيُه عمَّا سِواه، والحَصْر هنا إضافِيٌّ أو حَقيقيٌّ؟ إضافيٌّ، لأنَّ اللَّه تعالى يُريد هذا وغيرَه.
فالإضافيُّ هو الذي لا يَكون مَحصورًا بحسب الواقِع في هذا الشيءِ.
والحَقيقيُّ هو الذي يَكون مَحصورًا في هذا الشيءِ، بحَسب الواقِع.
فإذا قُلْت: لا طَالِبَ يَلتَفِت إلَّا خالِدٌ. فإن كان لا يَلتَفِت غيرُه فهو حقيقيٌّ، وإن كان أحَد يَلتَفِت غيره فهو إضافيٌّ، وفائِدة الإضافيِّ: كأنَّ هذا الرجُلَ لكثرة التِفاته لا يَلتَفِت أحدٌ سِواه، كما لو قلت: لا شُجاعَ إلَّا خالدٌ. أي: خالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه-؛ إضافيٌّ لأن هُناك شُجعانَ كَثيرين غير خالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه-، ولو قُلْت: لا خاتَمَ للأنبياء سِوى محُمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فهذا حقيقيٌّ؛ لأنه ليس هناك خاتَم للأَنبياء إلَّا مُحمَّد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} هل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا يُريد بأَهْل البيت إلَّا ذلك؟ الجوابُ: لا، بَلْ يُريد اللَّه تعالى بهم أَنْ يُذهِب عنهمُ الرِّجْس ويُطَهِّرَهم وأن يُنعِم عليهم، وأَنْ يُغْدِق عليهم بفَضْل. . . إلى آخِره.
وهل الإرادة هنا شَرْعية أو كَوْنية؟ الإرادة كَوْنية، وهذه هي الفائِدة منِ اختِصاص أَهْل البيت بذلك، أمَّا إرادة عدَم الرِّجْس فهي لكل أحَد من الناحِية الشَّرْعية.