للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرشد وشاهدي عدل" (١)، وفي هذه المسألة نزاع بين العلماء، محرر في موضعه من كتب الفروع، وقد قررنا ذلك في كتاب الأحكام، ولله الحمد والمنة.

وقد روي أن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار المزني وأخته، فقال البخاري في كتابه الصحيح عند تفسير هذه الآية: حدثنا عبيد الله بن سعيد، حدثنا أبو عامر العقدي (٢)، حدثنا عباد بن راشد، حدثنا الحسن، قال: حدثني معقل بن يسار، قال: كانت لي أخت تخطب إليّ، قال البخاري: وقال إبراهيم: عن يونس، عن الحسن، حدثني معقل بن يسار، وحدثنا أبو معمر، وحدثنا عبد الوارث، حدثنا يونس، عن الحسن، أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها، فتركها حتى انقضت عدتها فخطبها، فأبى معقل، فنزلت: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ (٣).

وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه من طرق متعددة عن الحسن، عن معقل بن يسار به، وصححه الترمذي أيضًا (٤)، ولفظه عن معقل بن يسار، أنه زوج أخته رجلًا من المسلمين، على عهد رسول الله فكانت عنده ما كانت، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت عدتها، فهويها وهويته، ثم خطبها مع الخطاب، فقال له: يا لكع! أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها، والله لا ترجع إليك أبدًا آخر ما عليك، قال: فعلم الله حاجته إليها، وحاجتها إلى بعلها، فأنزل الله: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ فلما سمعها معقل قال: سمع لربي وطاعة ثم دعاه، فقال: أزوجك وأكرمك. زاد ابن مردويه: وكفرت عن يميني (٥).

وروى ابن جرير، عن ابن جريج، قال: هي جُمْل بنت يسار، كانت تحت أبي البداح (٦).

وقال سفيان الثوري: عن أبي إسحاق السبيعي، قال: هي فاطمة بنت يسار. وهكذا ذكر غير واحد من السلف، أن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار وأخته.

وقال السدي: نزلت في جابر بن عبد الله وابنة عمٍّ له، والصحيح الأول، والله أعلم (٧).

وقوله: ﴿ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي: هذا الذي نهيناكم عنه من منع الولايا أن يتزوجن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف يأتمر به، ويتعظ به، وينفعل له ﴿مَنْ كَانَ مِنْكُمْ﴾ أيها الناس ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي: يؤمن بشرع الله، ويخاف وعيد الله وعذابه،


= شطره الأول دون: فإن الزانية (إرواء الغليل ٦/ ٢٤٨ ح ١٨٤١).
(١) أخرجه الشافعي بسنده عن ابن عباس موقوفًا (الأم ٥/ ٢٢) وصححه الألباني موقوفًا وضعفه مرفوعًا (إرواء الغليل ٦/ ٢٥١ ح ١٨٤٥).
(٢) في الأصل: "العبدي" والتصويب من (عف) و (حم) و (ح) والتخريج.
(٣) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ … ﴾ [البقرة: ٢٣١] ح ٢٥٢٩).
(٤) سنن أبي داود النكاح، باب في العضل (ح ٢٠٨٧)، وسنن الترمذي، التفسير (ح ٢٩٨١)، وتفسير ابن أبي حاتم والطبري.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده منقطع، لأن ابن جريج لم يدرك عهد الصحابة.
(٦) سنده منقطع لأن أبا إسحاق السبيعي يصرح باسم شيخه.
(٧) سنده منقطع لأن السدي لم يدرك جابر بن عبد الله.