للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾. قال: كان الرجل على عهد النبي يقول للرجل: زوجتك ابنتي ثم يقول: كنت لاعبًا، ويقول: قد أعتقت، ويقول: كنت لاعبًا، فأنزل الله: ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾، قال رسول الله : "ثلاث من قالهن لاعبًا أو غير لاعب، فهن جائزات عليه: الطلاق والعتاق والنكاح" (١)، والمشهور في هذا الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن حبيب بن أدرك عن عطاء، عن ابن ماهك، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : "ثلاث جدهنَّ جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة"، وقال الترمذي: حسن غريب (٢).

وقوله: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ أي: في إرساله الرسول بالهدى والبينات إليكم ﴿وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ﴾ أي: السنة ﴿يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ أي: يأمركم وينهاكم ويتوعدكم على ارتكاب المحارم، ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أي فيما تأتون وفيما تذرون، ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ أي: فلا يخفى عليه شيء من أموركم السرية والجهرية وسيجازيكم على ذلك.

﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢٣٢)﴾.

قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين، فتنقضي عدتها، ثم يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها، وتريد المرأة ذلك فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها (٣). وكذا روى العوفي عنه عن ابن عباس أيضًا (٤)، وكذا قال مسروق وإبراهيم النخعي والزهري والضحاك: إنها أنزلت في ذلك (٥)، وهذا الذي قالوه ظاهر من الآية، وفيها دلالة على أن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها (٦)، وأنه لا بدّ في النكاح (٧) من ولي، كما قاله الترمذي وابن جرير عند هذه الآية، كما جاء في الحديث: "لا تزوج المرأةُ المرأةَ، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها" (٨)، وفي الأثر الآخر: "لا نكاح إلا بولي


(١) في سنده الحسن البصري لم يسمع من عُبادة، فالإسناد ضعيف ويشهد لبعضه الحديث الآتي.
(٢) سنن أبي داود، الطلاق، باب في الطلاق على الهزل (ح ٢١٩٤)، وسنن الترمذي، الطلاق، باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق (ح ١١٨٤)، وسنن ابن ماجه، الطلاق، باب من طلق أو نكح أو راجع لاهيًا (ح ٢٠٣٩)، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ١٦٥٨)، وأخرجه الحاكم من طريق عبد الرحمن بن حبيب به، وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بأن عبد الرحمن بن حبيب بن أدرك فيه لين (المستدرك ٢/ ١٩٨) وقال عنه الحافظ ابن حجر: مقبول (التقريب ص ٣٣٨)، وحسنه الحافظ ابن حجر (التلخيص الحبير ٣/ ٢١٠)، والسيوطي في الجامع الصغير ٣/ ٣٠٠ (ح ٣٤٥١).
(٣) أخرجه الطبري بسنده الثابت عنه بلفظه.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف عنه ويتقوى بسابقه.
(٥) قول مسروق أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي الضحى عنه، وقول الزهري أخرجه الطبري بسند حسن عن الزهري، وقول إبراهيم النخعي والضحاك أخرجهما بإسنادين فيهما ضعف ويتقويان بسابقهما.
(٦) في الأصل: "لا تملك نفسها" والمثبت من (عف) و (حم) و (ح).
(٧) كذا في الأصل وفي (عف): "تزويجها" وكلاهما صحيح.
(٨) لم أجده في تفسير الطبري ولا في سنن الترمذي، وقد أخرجه الدارقطني، السنن ٣/ ٢٢٧، وصحح الألباني =