للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقله عياض والنواوي، ولا تزال - والله أعلم - هكذا إلى آخر الزمان، إلى أن يخربها ذو السويقتين من الحبشة، كما ثبت ذلك في "الصحيحين" (١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "يخرِّب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة". أخرجاه.

وعن عبد الله بن عباس ، عن النبي ، قال: "كأني به أسود أفحج، يقلعها حجرًا حجرًا". رواه البخاري (٢).

وقال الإمام أحمد بن حنبل في "مسنده" (٣): حدثنا أحمد بن عبد الملك الحراني، حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله (عنهما) (٤)، قال: سمعت رسول الله يقول: "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة، (ويسلبها) (٥) حليتها ويجردها من كسوتها. ولكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته ومعوله".

الفدع: زيغ بين القدم وعظم الساق.

وهذا - والله أعلم - إنما يكون بعد خروج يأجوح ومأجوج، لما جاء في " (صحيح) (٦) البخاري" (٧)، عن أبي سعيد الخدري ، قال: قال رسول الله : "ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج".

وقوله تعالى حكايةً لدعاء إبراهيم وإسماعيل : ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)﴾.


= ومن الأصول المشهورة عند المالكية: قاعدة سد الذرائع، وهذا منها. والله أعلم.
(١) أخرجه البخاري في "الحج" (٣/ ٤٥٤).
(٢) في "كتاب الحج" (٣/ ٤٦٠) قال: حدثنا عمرو بن علي، ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله بن الأخنس، عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعًا.
(٣) (٢/ ٢٢٠) ولا يصح مرفوعًا.
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (٧٤٣) قال: حدثنا عبد الله بن منصور، قال: ثنا محمد بن مهران الرازي، قال: ثنا محمد بن سلمة بهذا الإسناد سواء. وسنده ضعيف لتدليس ابن إسحاق ولكن تابعه سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح بهذا الإسناد مرفوعًا وزاد فيه: "قال مجاهد: فلما هدم ابن الزبير الكعبة جئت أنظر إليه؛ هل أرى الصفة التي قال عبد الله بن عمرو، فلم أرها. أخرجه الفاكهي (٧٤٤) أيضًا قال: حدثنا محمد بن أبي عمر، قال: ثنا سفيان. وهذا إسناد ظاهره الجودة، ولكن خولف ابن أبي عمر فيه خالفه عبد الرزاق في "مصنفه" (ج ٥/ رقم ٩١٨٠)؛ وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٥/ ٤٧، ٤٨) كلاهما عن ابن عيينة بهذا الإسناد موقوفًا على عبد الله بن عمرو بآخره. وتابعهما أحمد بن محمد بن الوليد قال: حدثنا ابن عيينة بسنده سواء موقوفًا؛ أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" (١/ ٢٧٦) فهؤلاء ثلاثة من الثقات خالفوا ابن أبي عمر فيه. ويؤيد وقفه على عبد الله بن عمرو ما أخرجه عبد الرزاق (٩١٧٩) عن ابن جريج قال: سمعت سليمان الأحول يحدث عن مجاهد وغيره أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "كأني أنظر إليه أصيلع أفيدع قد علاها بمسحاته. قال ابن جريج: وسمعت غيره من أشياخنا وأهل البلد أن الحبشة مخربوها. وسنده صحيح؛ وأخرجه ابن أبي شيبة (١٥/ ٤٨) قال: حدثنا إسحاق الأزرق. والأزرقي (١/ ٢٧٦)؛ ونعيم بن حماد في "الفتن" (ص ٤٠٦)؛ والفاكهي (٧٤٧) عن ابن عيينة كلاهما عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية، عن علي بن أبي طالب نحوه موقوفًا. وسنده صحيح.
(٤) في (ل): "عنه".
(٥) في (ل): "قال: ويسلبها".
(٦) في (ل): "حديث".
(٧) في "كتاب الحج" (٣/ ٤٥٤).