للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقلت له: فاذهب وهارون فادعُوَا … إلى الله فرعون الذي كان باغيا

فقولا له: هل أنت سويت هذه … بلا وتد حتى استقلت كما هيا

وقولا له: آأنت رفعت هذه … بلا عمد أرفق إذن بك بانيا

وقولا له: آأنت سويت وسطها … منيرًا إذا ما جنَّه الليل هاديا

وقولا له: من يخرج الشمس بكرة … فيصبح ما مَسّت من الأرض ضاحيا

وقولا له: من ينبت الحب في الثرى … فيصبح منه البقل يهتز رابيا

ويخرج منه حبة في رؤوسه؟ … ففي ذاك آيات لمن كان واعيا (١)

﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (٤٥) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (٤٧) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٤٨)﴾.

يقول تعالى إخبارًا عن موسى وهارون ، أنهما قالا متسجيرين بالله تعالى شاكيين إليه: ﴿إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ يعنيان أن يبدر إليهما بعقوبة أو يعتدي عليهما، فيعاقبهما وهما لا يستحقان منه ذلك.

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ﴿أَنْ يَفْرُطَ﴾ يعجل (٢).

وقال مجاهد: يبسط علينا (٣).

وقال الضحاك، عن ابن عباس: ﴿أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ يعتدي (٤).

﴿قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)﴾ أي: لا تخافا منه، فإنني معكما أسمع كلامكما وكلامه، وأرى مكانكما ومكانه، لا يخفى عليّ من أمركم شيء، واعلما أن ناصيته بيدي، فلا يتكلم ولا يتنفس ولا يبطش إلا بإذني وبعد أمري، وأنا معكما بحفظي ونصري وتأييدي.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: لما بعث الله ﷿ موسى إلى فرعون قال: ربِّ أي: شيء أقول؟ قال: قل: هيا شراهيا. قال الأعمش: فسر ذلك: أنا الحي قبل كل شيء والحي بعد كل شيء (٥). إسناده جيد، وشيء غريب.

﴿فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ﴾ قد تقدم في حديث الفتون عن ابن عباس أنه قال: مكثا على بابه حينًا لا يؤذن لهما حتى أذن لهما بعد حجاب شديد.

وذكر محمد بن إسحاق بن يسار أن موسى وأخاه هارون خرجا فوقفا بباب فرعون يلتمسان الإذن عليه، وهما يقولان: إنا رسولا رب العالمين فآذنوا بنا هذا الرجل، فمكثا فيما بلغني


(١) السيرة النبوية لابن هشام ١/ ٢٢٨.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن.
(٣) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) سنده ضعيف؛ لأن الضحاك لم يلقَ ابن عباس ، ومعناه صحيح.
(٥) سنده ضعيف؛ لأن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله بن مسعود .