للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن ليث -[وهو: بن أبي سليم] (١) - قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تعالى تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور الآية التي من ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨٢)﴾ والآية الأخرى: ﴿فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨)[الأعراف] إلى آخر أربع آيات وقوله: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه: ٦٩] (٢).

﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (٨٣)﴾.

يخبر تعالى أنه لم يؤمن بموسى مع ما جاء به من الآيات البينات والحجج القاطعات والبراهين الساطعات إلا قليل من قوم فرعون من الذرية وهم: الشباب على وجلِّ وخوف منه ومن ملئه أن يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر، لأن فرعون -لعنه الله- كان جبارًا عنيدًا مسرفًا في التمرد والعتو، وكانت له سطوة ومهابة تخاف رعيته منه خوفًا شديدًا.

قال العوفي، عن ابن عباس: ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ﴾ قال: فإن الذرية التي آمنت لموسى من أناس غير بني إسرائيل، من قوم فرعون يسير، منهم امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون وخازن فرعون وامرأة خازنه (٣).

وروى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ﴾ يقول: بني إسرائيل (٤).

وعن ابن عباس والضحاك وقتادة الذرية: القليل (٥).

وقال مجاهد في قوله: ﴿إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ﴾ قال: هم أولاد الذين أرسل إليهم موسى من طول الزمان ومات آباؤهم (٦). واختار ابن جرير قول مجاهد في الذرية أنها من بني إسرائيل لا من قوم فرعون لعود الضمير على أقرب المذكورين.

وفي هذا نظر لأنه أراد بالذرية الأحداث والشباب وأنهم من بني إسرائيل، فالمعروف أن بني إسرائيل كلهم آمنوا بموسى واستبشروا به، وقد كانوا يعرفون نعته وصفته والبشارة به من كتبهم المتقدمة، وأن الله تعالى سينقذهم به من أسر فرعون ويظهرهم عليه، ولهذا لما بلغ هذا فرعون حذَّر كل الحذر، فلم يجد عنه شيئًا ولما جاء موسى آذاهم فرعون أشدَّ الأذى و ﴿قَالُوا


(١) كذا في النسخ الخطية، ولم يذكر في تفسير ابن أبي حاتم، والزيادة موضحة وصحيحة.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف منقطع لأن ليث بن أبي سليم رواه بلاغًا، وهو من أتباع التابعين.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.
(٥) قول ابن عباس وقتادة أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق قتادة عن ابن عباس، وقتادة لم يسمع من ابن عباس، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف لم يصرح باسم شيخه.
(٦) أخرجه الطبري بعدة أسانيد عن مجاهد يقوي بعضها بعضًا.