للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن البصري: لا يدع عليه، وليقل: اللهم أعني عليه، واستخرج حقي منه (١)، وفي رواية عنه قال: قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه (٢).

وقال عبد الكريم بن مالك الجزري في هذه الآية: هو الرجل يشتمك فتشتمه، ولكن إن افترى عليك فلا تفترِ عليه، لقوله: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١)[الشورى: ٤١] (٣).

وقال أبو داود: حَدَّثَنَا القعنبي، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "المستبّان ما قالا، فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم" (٤).

وقال عبد الرزاق: أنبأنا المثنى بن الصباح، عن مجاهد في قوله: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ قال: ضاف رجل رجلًا فلم يؤد إليه حق ضيافته، فلما خرج أخبر الناس فقال: ضفت فلانًا فلم يؤد إلي حق ضيافتي، قال: فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم حتَّى يؤدي الآخَر إليه حق ضيافته (٥).

وقال ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ قال: قال: هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته، فيخرج فيقول: أساء ضيافتي ولم يحسن (٦). وفي رواية: هو الضيف المحول رحله، فإنه يجهر لصاحبه بالسوء من القول (٧)، وكذا روي عن غير واحد عن مجاهد نحو هذا، وقد روى الجماعة سوى النسائي والترمذي من طريق الليث بن سعد، والترمذي من حديث ابن لهيعة، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله، عن عقبة بن عامر، قال: قلنا: يا رسول الله، إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقرونا، فما ترى في ذلك؟ فقال: "إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف، فاقبلوا منهم، وإن لم تفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم" (٨).

وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا شعبة، سمعت أبا الجودي يحدث عن


= حبيبًا وهو: ابن أبي ثابت روى عن عطاء أحاديث لم يتابع عليها وهذا الحديث منها كما قرر العقيلي في الضعفاء ١/ ٢٦٣.
(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق يونس بن عبيد البصري عن الحسن.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن، وإسماعيل ضعيف. والصحيح الرواية السابقة.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم.
(٤) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الأدب، باب المستبّان ح ٤٨٩٤)، وسنده صحيح، وأخرجه مسلم من طريق العلاء به (الصحيح، البر والصلة، باب النهي عن السباب ح ٢٥٨٧).
(٥) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف المثنى بن الصباح ولكنه توبع في تفسير الطبري وابن أبي حاتم فيكون حسنًا لغيره.
(٦) أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق به، ولم يصرح ابن إسحاق بالسماع ويشهد له سابقه.
(٧) أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق به، وحكمه كسابقه.
(٨) صحيح البخاري، المظالم، باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه (ح ٢٤٦١)، وصحيح مسلم، اللقطة، باب الضيافة (ح ١٧٢٧).