للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو داود في سننه، والنسائي وابن أبي حاتم في تفسيريهما من حديث عوف الأعرابي به (١).

وقد تقدم الكلام على الطاغوت في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته ههنا (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا إسحاق بن الضيف، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله أنه سئل عن الطواغيت، فقال: هم كهان تنزل عليهم الشياطين (٣).

وقال مجاهد: الطاغوت الشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه، وهو صاحب أمرهم (٤).

وقال الإمام مالك: الطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله ﷿ (٥).

وقوله: ﴿وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا﴾ أي: يفضلون الكفار على المسلمين بجهلهم، وقلة دينهم، وكفرهم بكتاب الله الذي بأيديهم.

وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، قال: جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة فقالوا لهم: أنتم أهل الكتاب وأهل العلم، فأخبرونا عنا وعن محمد، فقالوا: ما أنتم وما محمد؟ فقالوا: نحن نصل الأرحام، وننحر الكوماء (٦)، ونسقي الماء على اللبن، ونفك العُناة (٧)، ونسقي الحجيج، ومحمد صُنبور (٨) قطع أرماحنا، واتبعه سراق الحجيج بنو غفار، فنحن خير أم هو؟ فقالوا: أنتم خير وأهدى سبيلًا، فأنزل الله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥١)(٩)، وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس وجماعة من السلف. [وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت قريش: ألا ترى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة، وأهل السقاية؟ قال: أنتم خير، قال: فنزلت ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)[الكوثر: ٣] ونزل ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ إلى ﴿نَصِيرًا﴾ (١٠)] (١١).


(١) سنن أبي داود، الطب، باب الخط وزجر الطير (ح ٣٩٠٧)، والسنن الكبرى (ح ١١١٠٨)، وتفسير ابن أبي حاتم.
(٢) آية ٢٥٦.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه.
(٦) الكوماء: الناقة العظيمة السنام (لسان العرب ١٢/ ٥٢٩).
(٧) العناة: جمع عاني أي: الأسير (لسان العرب ١٥/ ١٠٢).
(٨) صنبور: بضم الصاد أي: الرجل الفرد الضعيف الذليل بلا أهل وعقب وناصر (ترتيب القاموس المحيط ٢/ ٨٥٦).
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده صحيح لكنه مرسل ويشهد له ما يليه إذ رواه ابن أبي حاتم موصولًا كما يلي.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق محمد بن أبي عدي به.
(١١) زيادة من (حم) و (مح).