بالحسن العرفي، أي هذا المنتن في الشرع أفضل من ريح المسك عند الطبع، إما لصبر الصائم عليه، والصبر عمل صالح، أو للتسبب فيه بالصوم الذي هو عمل صالح، وإلا فالخلوف ليس من كسبه حتى يمدح عليه أو يمدح في نفسه، وقال الحافظ أبو الفضل بن حجر في شرح البخاري: اختلف في كون الخلوف أطيب عند الله من ريح المسك مع أنه سبحانه وتعالى منزه عن استطابة الروائح؛ يعني، وكذلك الاستلذاذت بالمحاسن والطيبات؛ لأن ذلك من صفات المخلوقات مع أنه يعلم الشيء على ما هو عليه على وجهه.
المازري: هو مجاز لأنه جرت العادة بتقريب الروائح الطيبة منا، فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله تعالى، فالمعنى أطيب عند الله تعالى من المسك عندكم؛ أي يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم، وقيل: إن ذلك في حق الملائكة وأنهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما يستطيبون ريح المسك، وقيل: المعنى الخلوف أكثر ثوابا من المسك المندوب إليه في الجُمَعِ والأعياد، وصححه النووي، ونقل القاضي حسين أن للطاعات يوم القيامة ريحا، فرائحة الصيام بين العبادات كالمسك.
النووي: وقع نزاع بين ابن الصلاح والشيخ ابن عبد السلام، في أن هذا الطيب عام في الدنيا والآخرة، أو خاص بالآخرة فقط، والصواب ما ذهب إليه ابن الصلاح من أنه عام في الدنيا والآخرة. قاله الشيخ إبراهيم. واستدل عز الدين بما ورد: يقومون من قبورهم ورائحة أفواههم أطيب من المسك.
ومضمضة لعطش؛ يعني أنه يجوز للصائم أن يتمضمض لأجل عطش أو حر، ولغير ذلك مما تطلب فيه أحرى؛ ولغير موجب يكره لأن فيه تغريرا، قال المصنف: وإذا تمضمض لعطش أو نحوه ثم ابتلع ريقه فلا شيء عليه إذا ذهب طعم الماء وخلص ريقه. قاله غير واحد. وقال الشبراخيتي: وإنما جازت المضمضة مع ما تقدم من أنه يكره للصائم ذوق الطعام ومضغ العلك للضرورة التي تلجئ إلى ذلك.