للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتخذ المنبر تحول إليه، فحن الجذع، فأتى إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فالتزمه) وفي رواية (فمسحه (١)) وفي أخرى (فسمعنا له صوتا مثل أصوات العشار (٢)).

وكان منبره عليه الصلاة والسلام ثلاث درج غير الدرجة التي تسمى المستراح، ويستحب أن يقف على الدرجة التي تليها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، وأجيب عما يفعله الخلفاء رضي الله عنهم؛ بأن فعل بعضهم ليس بحجة على بعض، ولكل منهم قصد صحيح، والمختار موافقة النبي صلى الله عليه وسلم لعموم الأمر بالاقتداء.

وأول من خطب على المنابر سيدنا إبراهيم. واستخلاف لعذر حاضرها؛ يعني أن الخطيب إذا حصل لد عذر في أثناء الخطبة أو بعدها، وقبل الصلاة، أو في أثناء الصلاة؛ فإنه يستحب له أن يستخلف لإتمام الخطبة، أو للصلاة، أو لإتمامها من حضر الخطبة كلها في الأخيرتين، أو بعضها في الأولى، ويخطب من انتهاء الأول إن علم، وإلا ابتدأها، كما في مسألة: وقرأ من انتهاء الأول، فإن لم يستخلف وجب على المأمومين الاستخلاف.

والحاصل أن الإمام يندب له الاستخلاف في الجمعة وغيرها، فإن لم يستخلف وجب الاستخلاف على المأمومين في الجمعة، وندب لهم في غيرها، هذا هو تحرير المسألة. وإنما يستخلف في الجمعة من تصح إمامته فيها، فلا يجوز استخلاف المسافر والعبد فيها، خلافا لأشهب، كما مر في الجماعة. قاله الحطاب.

وقراءة فيهما؛ يعني أنه يستحب للخطيب أن يقرأ في الخطبتين شيئا من القرآن. ابن يونس: ينبغي قراءة سورة تامة في الأولى من قصار المفصل، (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أن يقرأ في خطبته: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (٣): وكان عمر بن عبد العزيز يقرأ مرة: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر}، ومرة: {وَالْعَصْرِ}. وقوله: "فيهما"؛ أي في مجموعهما الصادق بالأولى،


(١) البخاري، كتاب المناقب، رقم الحديث ٣٥٨٣.
(٢) البخاري، كتاب المناقب، رقم الحديث: ٣٥٨٥.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٣ ص ١٣. ط دار الفكر.