للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو زال عذره؛ يعني أن من صلى الظهر لعذر من سجن، أو مرض، أو رق، ثم زال عذره قبل الجمعة بحيث يدرك مع الإمام ركعة؛ بأن خلي سبيل المسجون، أو صح المريض، أو أعتق الرقيق؛ فإنها تجب عليه؛ لأن العاقبة أسفرت أنه من أهلها، وقيل: لا تلزمه؛ لأنه أدى ما عليه. ومن صلى الجمعة بمحل إقامة تجب عليه فيه الجمعة تبعا، ثم قدم وطنه قبل إقامتها فيه، لم تجب عليه إعادتها ولا وجه للتنظير في ذلك، فإن المقيم والمستوطن سواء في الوجوب عليهما. قاله الشيخ محمد بن الحسن.

لا بالإقامة؛ يعني أن الجمعة إنما تجب بالتوطن، وأما الإقامة فلا تجب بها ولو طالت، كمارين بقرية خالية يقيمون بها مدة طويلة من غير استيطان لها، والاستيطان هو نية الإقامة على التأبيد. إلا تبعا؛ يعني أن ما تقدم من عدم لزوم الجمعة لمن نوى إقامة أربعة أيام فأكثر من غير استيطان، إنما هو إذا لم يحضر من المتوطنين من تنعقد به الجمعة، وأما إن حضر من المتوطنين من تنعقد به الجمعة وهو الاثنا عشر المتقدم وصفهم، فإن المقيم حينئذ تلزمه الجمعة، وهذا هو معنى قوله: "تبعا".

وعلم من هذا أن المنفي لزومها له استقلالا -والله سبحانه أعلم- فإذا كان العدد لا يتم إلا به لم يعتبر ولا تقام الجمعة، ويجوز أن يكون إماما -كما مر- قال الشيخ عبد الباقي: ومقتضى تعريفهم الاستيطان بنية الإقامة أبدا: أن من له زوجتان ببلدين متباعدين، ينوي الإقامة عند كل واحدة سنة -مثلا- أنه ليس مستوطنا للبلدين، وقد يقال: هو ناو فيهما الإقامة أبدا. انتهى.

ولما فرغ المصنف رحمه الله من الكلام على شروطها، أخذ يتكلم على مستحباتها، فقال: وندب تحسين هيئة؛ يعني أنه يندب لمريد حضور الجمعة أن يحسن هيئته؛ يعني الذاتية، بدليل قوله: "وجميل ثياب" من قص شارب، وظفر، ونتف إبط، وحلق عانة إن احتاج إلى ذلك، وإلا فهو على هيئة فلا يتعلق بها ندب التحسين؛ لأن تحصيل الحاصل محال، وسواك مطلقا، وقد يجب إن أكل كثوم يومها ولو حرم، وتوقفت إزالة رائحته عليه فإن لم يزلها سقط حضورها. كما يأتي.