سند: فلو فرغ المؤذن ولم يأت أحد، نظر، فإن كان في المسجد جماعة تنعقد بهم الجمعة خطب، وإلا انتظر الجماعة، وما مشى عليه المصنف من أن الخطبتين شرط في صحة الجمعة، وأنه لو تركهما أو إحداهما لم تصح الجمعة هو مذهب ابن القاسم. وقال ابن الماجشون بسنيتهما وفي الواضحة: عن مالك سنية الثانية، وقد مر أنه لو أوقع الصلاة قبل الخطبة ثم خطب، أعاد الصلاة فقط.
واعلم أن ما يقال: إن عثمان رضي الله عنه صعد المنبر فأرتج عليه، وأنه قال كلاما من جملته: أنتم إلى أمير فعال، أحوج منكم إلى أمير قوال، كذبة عظيمة. قاله الشبراخيتي، ونحوه في الحطاب.
واستقبله غير الصف الأول؛ يعني أنه إذا قام الإمام على المنبر يخطب، فإنه يجب على غير الصف الأول أن يستقبلوه بوجوههم، وأما الصف الأول فلا يلزمهم ذلك؛ لأنهم لا يتأتى لهم استقباله إلا بانتقالهم عن مواضعهم. الشادلي: فإن استقبلوه فلا شيء عليهم. انتهى وتبع المصنف فيما قاله اللخمي؛ وهو خلاف المذهب: أنه يجب على الناس استقبال الإمام بوجوههم على أهل الصف الأول وغيرهم، من سمعه ومن لم يسمعه، من يراه ومن لا يراه؛ لأن الإمام ترك استقبال القبلة واستقبلهم ليكون أبلغ في وعظهم، فعليهم أن يستقبلوه إجابة وطاعة. ابن القاسم: رأيت مالكا يتحدث مع أصحابه قبل أن يأتي الإمام، وبعد ما جاء لا يقطع حديثه، ولا يصرف وجهه إلى الإمام، ويقبل هو وأصحابه على الحديث كما هو حتى يسكت المؤذن، فإذا سكت، وقام الإمام للخطبة، تحول هو وأصحابه إلى الإمام، ويستقبلونه بوجوههم. عياض: قوله في الحديث: (إذا قعد الإمام على المنبر فاستقبلوه بوجوهكم). انتهى. ذكر القعود هنا على المنبر مجاز، قال: إنما ذلك إذا قام يخطب، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه:(كنا إذا خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبلناه بوجوهنا (١))، والذي يطلب استقباله هو وجه الإمام؛ أي
(١) الترمذي في سننه، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٥٠٩. ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا.