واعلم أن قوله:"إن ضاق" الخ، ليس مختصا بالطرق والرحاب، بل هو شرط في كل ما خرج عن المسجد منها أو من غيرها كما في المدونة، ولذا أتى ابن عرفة بعبارة عامة، (١) وخارجه غير محجور مثله إن ضاق أو اتصلت الصفوف، فيشمل ذلك دورا وحوانيت متصلة بحيطانه ليست محجورة. لا انتفيا؛ يعني أن الجمعة لا تصح في الرحاب والطرق المتصلة بالمسجد حيث انتفى الضيق والاتصال معا، قال في التوضيح: على ظاهر المذهب، وفي الحطاب بعد قوله: انتفيا، هذا هو الظاهر كما يفهم من كلام صاحب الطراز، خلافا لما رجحه المواق، والذي في المواق عن ابن رشد: ظاهر مذهب مالك في المدونة وسماع ابن القاسم صحة صلاته في الطرق المتصلة به مع انتفائهما، ولكنه أساء، قال الشيخ عبد الباقي: فكيف يعدل عنه؟ انتهى. وقال الشيخ الأمير: وصحت برحبته، وطرق متصلة به، وأساء إن لم يضق ولم تتصل الصفوف.
وتحصل مما مر أن الجمعة لا تصح إلا في الجامع بالشروط المتقدمة، وأنها لا تصح خارجه إلا مع ضيق المسجد أو اتصال الصفوف. سند: أما المسجد فهو شرط متفق عليه لا يؤثر فيه خلاف عن أحد إلا أبا ثور وشيء تأوله بعض الناس عن مالك، ثم قال: فعند مالك والشافعي لا يكون المسجد إلا داخل المصر ولا تصلى في مسجد العيد وقال أبو حنيفة تجوز خارج المصر، قريبا نحو المواضع التي جعلت مصلى لصلاة العيد، ووجه المذهب العمل المتصل، ولأن هذا الموضع يجوز لأهل المصر قصر الصلاة فيه إذا سافروا عن المصر، فلم تجز لهم إقامة الجمعة فيه كالمواضع البعيدة عنه. انتهى. قاله الحطاب. كبيت القناديل؛ يعني أن الجمعة لا تصح ببيت القناديل؛ أي قناديل المسجد، وكذا بيت بسطه وسقائه؛ لأنه محوز، وظاهر المصنف: ولو مع الضيق، ونظر فيه صاحب الطراز بأن أصله من أصل المسجد، وإنما قُصِرَ على بعض مصالحه فهو أخف من الصلاة في حجر النبي صلى الله عليه وسلم.
(١) عبارة البناني ٢ ص ٥٥ بعبارة عامة فقال: وخارجه غير محجور الخ.