للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التي تُجعَل في لجامها؛ لمنعها إياها، وهذه الأحرف ح ك م حيثما تصرّفت فيها معنى المنع، قال الشاعر [من الكامل]:

أَبَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ … إِنِّي خَشِيتُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَغْضَبَا

وقيل في قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} الآية [البقرة: ٢٦٩]: إنها الإصابة في القول، والفهم، وقيل: الحكمة: طاعة الله، والاتّباع له، والفقه في الدين، وقيل: الحكمة: الفهم عن الله عز وجل في أمره ونهيه، وقال مالك في الحكمة: الفقهُ في الدين يُدخله الله في القلوب، وقيل غير هذا. انتهى (١).

وقال ابن الأثير: "الحكمة" عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، ويقال لمن يُحسن دقائق الصناعات، ويُتقنها: حكيم، ومنه في صفة القرآن "الذكر الحكيم": أي الحاكم لكم، وعليكم، أو هو المحكم الذي لا اختلاف فيه، ولا اضطراب، فَعِيلٌ بمعنى مُفْعَل، أي أُحكم، فهو مُحْكَم. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ: الْحُكْمُ: القضاء، وأصله المنع، يقال: حَكَمتُ عليه بكذا: إذا منعته من خلافه، فلم يقدر على الخروج من ذلك، وحَكَمتُ بين القوم: فَصَلتُ بينهم، فأنا حاكمٌ، وحَكَمٌ بفتحتين، والجمع حُكّامٌ، ويجوز بالواو والنون، و"الْحَكَمَةُ": وِزانُ قَصَبَةٍ للدّابّة، سُمّيت بذلك؛ لأنها تُذلّلُها لراكبها حتى تمنعها الْجِمَاحَ ونحوَهُ، ومنه اشتقاق "الْحِكْمَةِ"؛ لأنها تمنع صاحبها من أخلاق الأراذل. انتهى (٣).

وقال أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى (٤): وأما "الحكمة" ففيها أقوال كثيرةٌ مضطربةٌ، قد اقتَصَرَ كلٌّ من قائليها على بعض صفات الحكمة، وقد صَفَا لنا منها أن الحكمة: عبارة عن العلم المتَّصِفِ بالأحكام المشتمِل على المعرفة بالله تبارك وتعالى، المصحوب بنَفَاذ البصيرة، وتهذيب النفس، وتحقيق الحقّ، والعمل به، والصَّدِّ عن اتباع الهوى والباطل، والحكيمُ مَن له ذلك،


(١) "إكمال المعلم" ١/ ٣٢١ - ٣٢٢ بزيادة من "المفهم" ١/ ٢٤٠.
(٢) "النهاية" ١/ ٤١٩.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٤٤ - ١٤٥.
(٤) راجع: "الصيانة" ص ٢١٤ - ٢١٥.