للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال: ففيما روينا في هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبيانه أهل اليمن الذين أرادهم بما في الآثار الأُوَل (١) وأنهم أهل هذه القبائل اليمانية، لا من سواهم.

ثم أخرج بسنده عن أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية، فذكر حديثًا طويلًا، فيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيَأْتِيَنَّ أقوام، تَحْقِرون أعمالكم مع أعمالهم"، قلنا: من هم يا رسول الله، أقريش؟ قال: "لا، أهل اليمن، هم أرَقّ أفئدةً، وألين قلوبًا"، فقلنا: هم خير منا يا رسول الله؟ فقال: "لو كان لأحدهم جبلٌ من ذهب، فأنفقه ما أدرك مُدّ أحدكم، ولا نصيفه، وإن فصل ما بيننا وبين الناس هذه الآية: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} الآية [الحديد: ١٠] " (٢).

قال: فكان في هذا ما قد دَلّ على حقيقة أهل اليمن الذين أرادهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفصل الأول مَنْ هم؟ وأنهم خلاف أهل تهامة على ما ذكره ابن عيينة.

ثم أخرج بسند صحيح عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَقْدَمُ قوم، هم أرَقُ منكم أفئدة"، فقَدِمَ الأشعريون، فيهم أبو موسى، فجعلوا يرتجزون، ويقولون:

غَدًا نَلْقَى الْأَحِبَّهْ … مُحَمَّدًا وَحِزْبَهْ

قال: ففي ذلك ما قد دَلّ أيضًا على أن أهل اليمن المرادين هم


= والحاصل أن الحديث صحيح الإسناد، انظر: ما كتبه محقق "شرح مشكل الآثار" في هامشه ٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥.
(١) هي الأحاديث التي أوردها الإمام مسلم رحمه الله تعالى في هذا الباب في مدح أهل اليمن.
(٢) هذا حديث رجاله رجال الصحيح، غير هشام بن سعد، فهو وإن روى له مسلم، إلا أنه مختلف فيه، وقال في "التقريب": صدوقٌ له أوهام، وقال ابن كثير في "تفسيره" ٨/ ٣٨ بعد أن أورده عن ابن جرير، وابن أبي حاتم ما نصّه: وهذا الحديث غريب بهذا السياق، والذي في "الصحيحين" من رواية جماعة عن عطاء بن يسار، عن أبي سعد ذكر الخوارج: "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم … " الحديث.