للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

خوفًا من السُّؤَّال والصعاليك، فعلى هذا فهى فِعْلة دنيوية مكروهة، لا تُطْلَق على فِعْلة دينية محبوبة.

ومعنى الْعَتْم في الأصل تأخير مخصوص، وقال الطبريّ: الْعَتَمة بقية اللبن، تُغْبَق (١) بها الناقة بعد هويّ من الليل، فسُمِّيت الصلاة بذلك؛ لأنهم كانوا يصلونها في تلك الساعة.

وروى ابن أبي شيبة، من طريق ميمون بن مهران، قال: قلت لابن عمر: مَن أول مَن سَمَّى صلاة العشاء العتمة؟ قال: الشيطان. انتهى (٢).

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما حاصله: الاسمُ الذي ذكره اللَّه تعالى في كتابه لهذه الصلاة اسمُ العشاء، والأعراب يسمونها العتمةَ، فلا تُكثِروا استعمالَ ذلك الاسم؛ لما فيه من غلبة الأعراب عليكم، بل أكثروا استعمال اسم العشاء؛ موافقة للقرآن، فالمراد النهي عن إكثار اسم العتمة، لا عن استعماله أصلًا، فاندفع ما يتوهم من التنافي بين هذا الحديث والأحاديث الأخرى التي سبقت في الباب، وغيرها.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي ذكره العلامة السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من الجمع بين الأحاديث بحمل النهي على إكثار الاستعمال، حسنٌ جدًا، وهو الذي يدلّ عليه تعبيره بقوله: "لا تغلبنكم"، فإن الغلبة تكون بإكثار الاستعمال، لا بالاستعمال أحيانًا للحاجة، مثل أن يُعرّفها لمن لا يعرف إلا اسم العَتَمَة، كما سبق في قوله: "التي تسمّونها العتمة"، واللَّه تعالى أعلم.

(وَهُمْ) أي الأعراب، ولفظ النسائيّ: "فإنهم" بالفاء التعليليّة (يُعْتِمُونَ) من الإعتام رباعيًّا، يقال: أعْتَمَ الرجل: إذا دخل في العَتَمَة وهي الظلمة، كأصبح: إذا دخل في الصباح، أفاده في "المصباح".

(بِالإِبِلِ") بحلب الإبل، وللنسائيّ: "على الإبل"، فـ "على" بمعنى اللام،


(١) غبق الإبلَ والغنم، من بابي نصر، وضرب: حلبها بالعشيّ، أفاده في "لسان العرب" ١٠/ ٢٨١.
(٢) "الفتح" ٢/ ٥٤.