وذهب الجمهور إلى أنها تُحسب له، وسيأتي تمام البحث في هذا مع ترجيح القول الأول قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
٧ - (ومنها): أن ابن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ- استدلّ بهذا الحديث على أنه إذا وجد الإمام جالسًا في آخر الصلاة قبل أن يسلم، وجب عليه أن يدخل معه، سواء طَمِع بإدراك الصلاة من أولها في مسجد آخر، أم لا، فحَمَل الأمر في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فما أدركتم فصلوا"، على الوجوب على عادته، ثم ذكر آثارًا عن السلف بالأمر بصلاة ما أدركه، يمكن حملها على الاستحباب كما حمل الجمهور الأمر في هذا الحديث على ذلك.
ورَوَى ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن جرير، عن عبد العزيز بن رُفيع، عن رجل من أهل المدينة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سمع خفق نعلي، وهو ساجد، فلما فرغ من صلاته قال:"من هذا الذي سمعت خفق نعله؟ " قال: أنا يا رسول اللَّه، قال:"فما صنعت؟ "، قال: وجدتك ساجدًا، فسجدت، قال:"هكذا فاصنعوا، ولا تعتدُّوا بها، من وجدني راكعًا، أو قائمًا، أو ساجدًا، فليكن معي على حالتي التي أنا عليها". انتهى كلام وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الظاهر أن ما قاله ابن حزم من وجوب المتابعة هو الأقرب إلى الصواب؛ لأن الأمر للوجوب على الراجح عند الأصوليين، إلا إذا وجد له صارف، ولم يذكر الجمهور دليلًا صارفًا عن الوجوب، فكيف يُحْمَل على الاستحباب؟ فتبصر بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم.
٨ - (ومنها): أنه استُدِلّ بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وما فاتكم، فأتموا" على أن ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته، وما يأتي به بعد سلام الإمام هو آخر صلاته، وهو مذهب الشافعي، وجماعة.
وذهب آخرون إلى أن ما أدركه مع الإمام هو آخر صلاته، وما يأتي به بعد سلام الإمام هو أول صلاته، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وسيأتي تمام البحث في هذا قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم الإسراع في المشي إلى الصلاة: