للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا أخصّ من الاعتزال؛ لأنه أعمّ من أن يكون في البيت أو غيره.

وقوله: (وَإِنَّهُ) أي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو بكسر "إنّ" معطوف على "إِنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال. . . إلخ"، فهو مقول قال، أو بفتح الهمزة عطفًا "أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال. . . إلخ" مفعول به لـ "زَعَمَ".

ووقع عند البخاريّ بلفظ: "وأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُتي بقدر. . . إلخ" فقال في "الفتح": هذا حديث آخر، وهو معطوف على الإسناد المذكور، والتقدير: وحدّثنا سعيد بن عُفير -يعني شيخ البخاريّ هنا- بإسناده "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُتِي"، قال: وهذا الحديث الثاني كان مُتَقَدِّمًا على الحديث الأول بستّ سنين؛ لأن الأول تقدَّم في حديث ابن عمر وغيره أنه وقع منه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة خيبر، وكانت في سنة سبع، وهذا وقع في السنة الأولى عند قدومه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المدينة، ونزوله في بيت أبي أيوب الأنصاريّ -رضي اللَّه عنه-، كما سأبيّنه. انتهى (١).

(أُتِيَ) بالبناء للمفعول (بِقِدْرٍ) بكسر القاف، وهو: ما يُطْبَخ فيه، ويجوز فيه التأنيث والتذكير، والتأنيث أشهر، لكن الضمير في قوله: "فيه خَضِرَات" يعود على الطعام الذي في القِدْر، فالتقدير: أُتِي بقدر من طعام، فيه خَضِراتٌ، ولهذا لما أعاد الضمير على القدر أعاده بالتأنيث، حيث قال: "فأُخبِر بما فيها"، وحيث قال: "قرِّبوها"، قاله في "الفتح" (٢).

وتعقّبه العينيّ، فقال: هذا تصرّف فيه تعسّفٌ، فلا تُحتاج إلى تطويل الكلام، ولَمّا جاز في "القدر"التذكير والتأنيث أعاد الضمير إليه تارةً بالتذكير، وتارةً بالتأنيث؛ نظرًا إلى جواز الوجهين. انتهى (٣). وهو تعقّبٌ وجيهٌ، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: قوله: "بقدر" قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هكذا هو في نسخ "صحيح مسلم" كلِّها: "بقدر"، ووقع في "صحيح البخاريّ"، و"سنن أبي داود" وغيرهما من الكتب المعتمدة: "أُتي ببدر" بباءين موحّدتين، قال العلماء: هذا هو الصواب، وفسّر الرواةُ، وأهلُ اللغة والغريب البدر بالطبق، قالوا: سُمّي بدرًا؛


(١) "الفتح" ٢/ ٣٩٨.
(٢) "الفتح" ٢/ ٣٩٨.
(٣) "عمدة القاري" ٦/ ٢١٢.