للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عند أهل العلم بالنقل تركه من روايته خاصة، ثم ذكر طرقه، وبَيَّن اضطرابها في المتن والإسناد، وذَكَر عن مسلم بن الحجاج تغليطه الزهريّ في هذا الحديث.

قال ابن عبد البرّ: لا أعلم أحدًا من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عَوَّل على حديث الزهريّ في قصة ذي اليدين، وكلهم تركه لاضطرابه، وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن، فالغلط لا يَسْلَمُ منه بَشَرٌ، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك، إلا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقول الزهريّ: إنه قُتل يوم بدر متروك؛ لتحقق غلطه فيه.

هذا مختصر قول ابن عبد البر، وقد بسط شرح هذا الحديث بسطًا لم يبسطه غيره، مشتملًا على التحقيق والإتقان، والفوائد الْجَمَّة -رَحِمَهُ اللَّهُ-، ورضي عنه.

وذكر البيهقيّ بعض هذا مختصرًا، فمما قال: إنه لا يجوز أن يكون حديث أبي هريرة منسوخًا بحديث ابن مسعود؛ لتقدم حديث ابن مسعود، فإنه كان حين رجع من الحبشة، ورجوعه منها كان قبل هجرة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المدينة، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا، فحديثه في التسليم كان قبل الهجرة.

ثم رَوَى البيهقيّ ذلك بأسانيده، ثم نقل اتفاق أهل المغازي على أن ابن مسعود قَدِمَ مكة من هجرة الحبشة قبل هجرة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المدينة، وأنه شَهِد بدرًا بعد ذلك.

ثم روى البيهقيّ بإسناده عن الحميديّ، شيخ البخاريّ أنه حَمَل حديث ابن مسعود على النهي عن الكلام عامدًا، قال: لأنه قَدِمَ من الحبشة قبل بدر، وإسلام أبي هريرة سنة سبع من الهجرة، وإسلام عمران بن الحصين بعد بدر، وقد حضرا قصة ذي اليدين، وحضرها معاوية بن حُدَيج، وكان إسلامه قبل وفاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بشهرين، وذَكَر حديث ابن عمر أيضًا، ثم قال: فعلمنا أن حديث ابن مسعود في العمد، ولو كان في العمد والسهو لكانت صلوات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه ناسخة له؛ لأنها بعده.

ثم رَوَى البيهقيّ عن الأوزاعيّ قال: كان إسلام معاوية بن الحكم آخر الأمر، فلم يأمره النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بإعادة الصلاة، وقد تكلم جاهلًا.