للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وبحديث: "مَن قاء في الصلاة، أو قَلَسَ فلينصرف، وليتوضأ، ولْيَبْنِ على صلاته ما لم يتكلم"، وهو أيضًا ضعيف.

قال: واحتج أصحابنا -يعني الشافعيّة- بحديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: "صلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر، أو العصر، فسلَّم، فقال له ذو اليدين: أَقُصِرَت الصلاة أم نَسِيتَ يا رسول اللَّه؟ فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لم تُقْصَر ولم أَنْسَ فقال: بلى قد نسيت يا رسول اللَّه، فقال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحقٌّ ما يقول؟ قالوا: نعم، فصلى ركعتين أُخريين، ثم سجد سجدتين"، رواه الشيخان من طرق كثيرة جدًّا، وهكذا هو في مسلم، وفي مواضع من البخاريّ: "صلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وفي رواية لمسلم: "صلى لنا".

وعن عمران بن حصين، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى العصر، فسلّم في ثلاث، ثم دخل منزله، فقام إليه رجل يقال له: الْخِرْباق، وكان في يده طولٌ، فقال: يا رسول اللَّه، فذكر له صنيعه، وخرج غضبان يَجُرُّ رداءه، حتى انتهى إلى الناس، فقال: "أصدق هذا؟ " قالوا: نعم، فصلى ركعة، ثم سلَّم، ثم سجد سجدتين، ثم سلّم، رواه مسلم.

قال أصحابنا: ومن الدليل لنا أيضًا حديث معاوية بن الحكم، فإنه تكلّم جاهلًا بالحكم، ولم يأمره النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإعادة، قالوا: وقياسًا على السلام سهوًا، وعمدة المذهب حديث ذي اليدين.

واعتَرَضَ القائلون بالبطلان عليه أن هذا الحديث منسوخ بحديث ابن مسعود، وزيد بن أرقم، قالوا: لأن ذا اليدين قُتل يوم بدر، ونَقَلوا عن الزهريّ أن ذا اليدين قُتل يوم بدر، وأن قصته في الصلاة كانت قبل بدر، ولا يَمنَع من هذا كون أبي هريرة رواه، وهو متأخر الإسلام عن بدر؛ لأن الصحابي قد يروي ما لا يحضره، بأن يسمعه من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو صحابي.

وأجاب أصحابنا وغيرهم من العلماء عن هذا بأجوبةٍ صحيحةٍ حسنةٍ مشهورةٍ، أحسنها وأتقنها ما ذكره الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" قال: أما دعواهم أن حديث أبي هريرة منسوخ بحديث ابن مسعود فغلط؛ لأنه لا خلاف بين أهل الحديث والسير أن حديث ابن مسعود كان بمكة حين رجع من الحبشة قبل الهجرة، وأن حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين