للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقوله: "عمر بن الحكم" اتّفقوا على أنه غلط، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هكذا رواه جماعة رواة "الموطأ"، عن مالك، كلهم قال فيه: "عن عمر بن الحكم"، وهو غلط، ووَهَمٌ منه، وليس في الصحابة رجل يقال له: عمر بن الحكم، وإنما هو معاوية بن الحكم السُّلَميّ.

وكذلك قال فيه كلُّ مَن رَوَى هذا الحديث، عن هلال هذا، وهو هلال بن عليّ بن أبى ميمونة، وأبو ميمونة اسمه أسامة، فربما قال: هلال بن أسامة، وربما قال: هلال بن أبي ميمونة، ينسبونه كله (١) إلى ذلك، وربما قالوا: هلال بن عليّ بن أبي ميمونة، وهو مولى عامر بن لُؤَيّ.

وأما معاوية بن الحكم، فمعروف في الصحابة، والحديث له محفوظ، وقد يمكن أن يكون الغلط في اسمه جاء من قِبَل هلال شيخ مالك، لا من مالك، والدليل على ذلك رواية مالك في هذا الحديث، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن معاوية بن الحكم، في غير "الموطأ"، ولم يقل: عمر بن الحكم، وقال فيه: معاوية بن الحكم، إلا أن مالكًا لم يذكر في روايته لهذا الحديث عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن معاوية بن الحكم، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا قصة إتيان الكُهّان والطيرة، لا غير، وكذلك رواه أصحاب ابن شهاب.

ورواه الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم، قال: قلت: يا رسول اللَّه، إنا كنا حديثي عهد بجاهلية، فجاء اللَّه بالإسلام، وإن رجالًا منا يتطيرون، وذكر الخبر في الطيرة، وفي إتيان الكهان، وفي الخط، وفي كلامهم في الصلاة. انتهى (٢).

وقال في "التمهيد" بعد ذكر نحو ما تقدّم ما نصّه: قال الطحاويّ: سمعت المزنيّ يقول: قال الشافعيّ: مالك بن أنس يُسَمِّي هذا الرجلَ عُمَر بن الحكم، وإنما هو معاوية بن الحكم، قال الطحاويّ: وهو كما قال الشافعيّ، وقال


(١) هكذا نسخة "الاستذكار"، ولعل الصواب "كلهم"، فليُحرّر.
(٢) "الاستذكار" ٧/ ٣٣٦ - ٣٣٧.