للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ليس معناه: أن النهي مُخْتَصٌّ به، وإنما معناه: أن اللفظ الذي سمعته بصيغة الخطاب لي، فأنا أنقله كما سمعته، وإن كان الحكم يتناول الناس. انتهى (١).

وقال ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا دليلٌ على منع الرواية بالمعنى، واتّباع اللفظ، قال: ولا شكّ في أن نهيه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعليّ -رضي اللَّه عنه- نَهْيٌ لسواه؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُخاطب الواحد، ويريد الجماعة في بيان الشرع. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "دليلٌ على منع الرواية بالمعنى"، فيه نظر لا يخفى؛ إذ الحديث لا يدلّ على المنع، وغايته أن يدلّ على الأولويّة، فتأمله، واللَّه تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا لا يدلّ على خصوصيّته بهذا الحكم، وإنما أخبر بكيفيّة توجّه صيغة النهي الذي سمعه، فكأن صيغة النهي التي سمع: "لا تقرأ القرآن في الركوع"، فحافظ حالة التبليغ على كيفيّة ما سَمِع حالة التحمّل، وهذا من باب نقل الحديث بلفظه كما سُمِعَ، ولا شكّ أن مثل هذا اللفظ مقصور على المخاطب من حيث اللغة، ولا يُعدَّى إلى غيره إلا بدليل من خارج، إما عامّ، كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حُكْمي على الواحد حكمي على الجميع" (٢)، أو خاصّ في ذلك، كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعًا، أو ساجدًا". انتهى (٣).

[تنبيه]: هذا الحديث سيأتي بأتمّ مما هنا في "كتاب اللباس والزينة" برقم (٢٠٧٨) عن يحيى بن يحيى، عن مالك، عن نافع، عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٩٨.
(٢) هذا الحديث بهذا اللفظ ليس له أصل، كما قاله الحافظ العراقيّ في "تخريجه"، وسُئل عنه الحافظان: المزّيّ، والذهبيّ، فأنكراه، وإنما الثابت ما أخرجه الترمذيّ، والنسائيّ، من حديث أُميمة بنت رُقيقة، مرفوعًا: "إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة، أو مثل قولي لامرأة واحدة"، قال الحافظ السخاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا من الأحاديث التي ألزم الدارقطنيّ الشيخين بإخراجها؛ لثبوتها على شرطهما. انتهى. "المقاصد الحسنة" (ص ١٩٢ - ١٩٣).
(٣) "المفهم" ٢/ ٨٦ - ٨٧.