إلى التعليم، لا سيّما مع عدم خوف الفوات، إما بناءً على ظاهر الحال، أو بوحي خاصّ.
وقال التُّورِبِشْتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما سكت عن تعليمه أَوّلًا؛ لأنه لَمّا رَجَع لَمْ يستكشف الحال من مَوْرِد الوحي، وكأنه اغتَرَّ بما عنده من العلم، فسكت عن تعليمه زجرًا له وتأديبًا وإرشادًا إلى استكشاف ما استَبْهَم عليه، فلما طَلَب كشف الحال من مَوْرِده أرشد إليه. انتهى.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لكن فيه مناقشةٌ؛ لأنه إن تَمّ له في الصلاة الثانية والثالثة، لَمْ يتم له في الأولى؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- بدأه لَمّا جاء أول مرّة بقوله:"ارجع، فصَلِّ فإنك لَمْ تصلّ"، فالسؤال وارد على تقريره له على الصلاة الأولى، كيف لَمْ يُنكِر عليه في أثنائها، لكن الجواب يَصلَح بيانًا للحكمة في تأخير البيان بعد ذلك، واللَّه أعلم. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أنه إنما لَمْ يُنكر عليه أثناء الصلاة، بل أخّره إلى أن انتهى منها؛ ليتبيَّن له جميع ما يُخطئ فيه؛ إذ لو أنكر عليه في الوسط، وعلّمه وأعاد ربّما أخطأ في غيره، فيحتاج إلى تعليمه، ويتسلسل، ولا يقال: إذا تبيّن له ذلك في المرّة الأولى، فلماذا ردّه ثانيًا وثالثًا؛ لأنا نقول: إن ذلك للزجر له، حيث أقدم على الإعادة من غير أن يتعلّم منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فعاقبه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
(فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا، عَلِّمْنِي) وفي رواية البخاريّ: "فما أُحسِن غيره، فعلِّمني"، وفي حديث رفاعة بن رافع -رضي اللَّه عنه-: "والذي أنزل عليك الكتاب، لقد جَهَدتُ، فعلِّمني وأَرِني"، وفي لفظ:"لقد جهدتُ، وحَرَصْتُ، فأَرِني وعلِّمني"، وفي رواية:"والذي أكرمك يا رسول اللَّه، لقد جهدتُ، فعلّمني"، وفي رواية:"فقال الرجل: فأرني وعلّمني فإنما أنا بشرٌ، أُصيب وأُخطئ، فقال: أَجَلْ".
(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- معلِّمًا له ("إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ) وفي رواية عبد اللَّه بن نُمَير التالية: "إذا قمت إلى الصخلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر"، وفي حديث رفاعة: "فتوضأ كما أمرك اللَّه، ثم تشهد، وأقم"، وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة، عند النسائيّ: "إنها لَمْ تتم صلاة أحدكم، حتى يسبغ