للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النوويّ رحمه اللهُ: كذا وقع هنا، وفي رواية البخاريّ: "فبَعَث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا، فوجدها"، وفي روايةٍ: "رجلين"، وفي روايةٍ: "ناسًا"، وهي قضيّة واحدة، قال العلماء: المبعوث هو أُسيد بن حُضير وأتباعٌ له، فذَهَبوا فلم يجدوا شيئًا، ثم وجدها أُسيد بعد رجوعه تحت البعير، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال في "الفتح": "فوجدنا العقد تحته" ظاهرٌ في أن الذين توجهوا في طلبه أوّلًا لم يجدوه، وفي الرواية التالية: "فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناسًا من أصحابه في طلبها"، وفي رواية للبخاريّ من طريق عروة: "فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا، فوجدها"، أي القلادة، ولأبي داود: "فبَعَثَ أسيد بن حضير وناسًا معه".

وطريق الجمع بين هذه الروايات أن أُسيدًا كان رأس مَن بُعِث لذلك، فلذلك سُمِّي في بعض الروايات دون غيره، وكذا أُسند الفعل إلى واحد مبهم، وهو المراد به، وكأنهم لم يجدوا العقد أوّلًا، فلما رجعوا ونزلت آية التيمم، وأرادوا الرَّحِيل، وأثاروا البعير، وَجَدَه أُسيد بن حُضير، فعلى هذا فقوله في رواية البخاريّ: "فوجدها"، أي بعد جميع ما تقدم من التفتيش وغيره.

وقال النوويّ رحمه اللهُ: يَحْتَمِل أن يكون فاعل "وجدها" النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وقد بالغ الداوديّ في توهيم رواية عروة، ونَقَلَ عن إسماعيل القاضي أنه حَمَل الوهم فيها على عبد الله بن نُمَير، وقد بان بما ذكرنا من الجمع بين الروايتين أن لا تخالف بينهما، ولا وَهَم. انتهى (٣)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: في الحديثين أيضًا اختلافٌ آخر، وهو قول عائشة - رضي الله عنها -: "انقَطَعَ عِقْدٌ لي"، وقالت في رواية عمرو بن الحارث: "سَقَطَت قلادة لي"، وفي رواية عروة عنها: "أنها استعارت قِلادةً من أسماء - يعني أختها - فهلكت"، أي ضاعت.


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٥٩.
(٢) هكذا عزا في "الفتح" هذا الكلام إلى النوويّ، ولم أره في "شرحه" في هذا المحلّ، فالله تعالى أعلم.
(٣) "الفتح" ١/ ٥١٩.