قال أبو عمر: ممن رَوَينا عنه أنه مسح على الخفين، وأمر بالمسح عليهما في الحضر والسفر بالطُّرُق الْحِسَان، من مصنَّف ابن أبي شيبة، ومصنَّف عبد الرزاق: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأبو مسعود، وأنس بن مالك، والبراء بن عازب، وحذيفة بن اليمان، والمغيرة، وسلمان، وبلال، وخزيمة بن ثابت، وعمرو بن أبي أمية، وعبد الله بن الحارث بن جزء الزُّبَيديّ، وأبو أيوب، وجرير، وأبو موسى، وعمار، وسهل بن سعد، وأبو هريرة، ولم يُرْوَ عن غيرهم خلافٌ إلا شيءٌ لا يثبت عن عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة.
ثم أخرج ابن عبد البرّ بسنده عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الله بن إدريس، عن فِطْر، قال: قلت لعطاء: إن عكرمة يقول: قال ابن عباس: سبق الكتاب الخفين، قال عطاء: كذب عكرمة، أنا رأيت ابن عباس يمسح عليهما.
ورَوَى أبو زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، أنه كان يمسح على خفيه، ويقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أدخل أحدكم رجليه في خفيه، وهما طاهرتان، فليمسح عليهما".
قال أبو عمر: ولا أعلم في الصحابة مخالفًا إلا شيء لا يصح عن عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة، وقد رُوي عنهم من وجوه خلافه في المسح على الخفين، وكذلك لا أعلم في التابعين أحدًا ينكر ذلك، ولا في فقهاء المسلمين إلا رواية جابر عن مالك، والروايات الصحاح عنه بخلافه، وهي منكرة، يدفعها موطؤه، وأصول مذهبه. انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمه الله باختصار (١)، وهو بحث مفيدٌ جدًّا.
وقال النوويّ رحمه اللهُ في "شرحه": أجمع مَن يُعْتَدّ به في الإجماع على جواز المسح على الخفين في السفر والخضر، سواء كان لحاجة أو لغيرها، حتى يجوز للمرأة الملازمة بيتها، والزَّمِنِ الذي لا يمشي، وإنما أنكرته الشيعة، والخوارج، ولا يُعْتَدّ بخلافهم.